للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

برهوم أياما، ثم أفرج عنه. ولحق بالسلطان فنازلوا جميعا مليانة. وافتتحها السلطان عنوة وجيء بيوسف بن حسن أسيرا من مكمنه ببعض المسارب فعفا عنه وأطلقه، ثم زحف إلى المرية فملكها وأخذ الرهن من أهل تلك النواحي، وقفل إلى تلمسان.

واستطال محمد بن يوسف على النواحي ففشت دعوته في تلك القاصية. وخاطب مولانا السلطان أبا يحيى بالطاعة فبعث إليه بالهدية والآلة، وسوّغه سهام يغمراسن ابن زيّان بإفريقية، ووعده بالمظاهرة وغلب سائر بلاد بني توجين. وبايع له بنو تيغرين أهل جبل وانشريس، فاستولى عليه. ثم نهض السلطان إلى الشرق سنة سبع عشرة وسبعمائة وملك المرية واستعمل عليها يوسف بن حسن لمدافعة محمد بن يوسف، واستبلغ في أخذ الرهن منه ومن أهل العمالات وقبائل زناتة والعرب، حتى من قومه بني عبد الواد. ورجع إلى تلمسان وأنزله بالقصبة وهي الغور الفسيح الخطّة تماثل بعض الأمصار العظيمة، اتخذها للرهن. وكان يبالغ في ذلك حتى يأخذ الرهن المتعدّدة من البطن الواحد والفخذ الواحد والرهط. وتجاوز ذلك إلى أهل الأمصار والثغور والمشيخة والسوقة فملأ تلك القصبة من أبنائهم وإخوانهم، وشحنها بالأمم بعد الأمم، وأذن لهم في ابتناء المنازل واتخاذ النساء. واختط لهم المساجد فجمعوا بها لصلاة الجمعة، ونفقت بها الأسواق والصنائع وكان حال هذه البنية من أغرب ما حكي في العصور عن سجن. ولم يزل محمد بن يوسف بمكان خروجه من بلاد توجين إلى أن هلك السلطان، والبقاء للَّه.

[(الخبر عن مقتل السلطان أبي حمو وولاية ابنه أبي تاشفين من بعده)]

كان السلطان أبو حمو قد اصطفى ابن عمه برهوم وتبناه من بين عشيرته وأولي قرباه لمكان صرامته ودهائه، واختصاص أبيه برهوم المكنّى أبا عامر بعثمان بن يغمراسن شقيقه من بين إخوته [١] ، فكان يؤثره على بنيه ويفاوضه في شئونه، ويصله إلى خلواته. وكان دفع إلى ابنه عبد الرحمن أبا تاشفين أترابا له من العلوجين [٢] يقومون


[١] وفي نسخة ثانية: من بين سائر الاخوة.
[٢] وفي نسخة ثانية: المعلوجي.

<<  <  ج: ص:  >  >>