اجتمعوا على غيرك فلم يضرّ بذلك دينك ولا عقلك، ولم تذهب به مروأتك ولا فضلك، وأنا أخاف أن تأتي مصرا أو قوما فيختلفون عليك، فتكون الأوّل إساءة، فإذا خير الأمّة نفسا وأبا أضيعها ذمارا وأذلها. قال له الحسين: فإنّي ذاهب قال:
انزل مكة فإن اطمأنت بك الدار فسبيل ذلك، وإن فاتت بك لحقت بالرمال وشعب الجبال. ومن بلد إلى آخر حتى ننظر مصير أمر الناس، وتعرف الرأي فقال يا أخي نصحت وأشفقت! ولحق بمكة. وبعث الوليد إلى ابن عمر ليبايع فقال: أنا أبايع أمام الناس، وقيل ابن عمر وابن عبّاس كانا بمكة، ورجعا إلى المدينة فلقيا الحسين وابن الزبير وأخبراهما بموت معاوية وبيعة يزيد. فقال ابن عمر: لا تفرّقا جماعة المسلمين، وقدم هو وابن عبّاس المدينة وبايعا عنه بيعة الناس ولما دخل ابن الزبير مكة وعليها عمر بن سعيد قال: أنا عائد بالبيت، ولم يكن يصلي ولا يقف معهم ويقف هو وأصحابه ناحية.
[عزل الوليد عن المدينة وولاية عمر بن سعيد]
ولما بلغ الخبر إلى يزيد بصنيع الوليد بن عتبة في أمر هؤلاء النفر، عزله عن المدينة واستعمل عليها عمر بن سعيد الأشرق فقدمها في رمضان واستعمل على شرطته عمر ابن الزبير بالمدينة لما كان بينه وبين أخيه من البغضاء، وأحضر نفرا من شيعة الزبير بالمدينة فضربهم من الأربعين إلى الخمسين إلى الستين، منهم المنذر بن الزبير وابنه محمد، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث، وعثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام ومحمد بن عمار بن ياسر وغيرهم. ثم جهّز البعوث إلى مكة سبعمائة أو نحوها، وقال لعمر بن الزبير: من نبعث إلى أخيك؟ فقال: لا تجد رجلا أنكى له مني.
فجهز معه سبعمائة مقاتل فيهم أنيس بن عمرو الأسلمي. وعذله مروان بن الحكم في غزو مكة وقال له: اتّق الله ولا تحلّ حرمة البيت فقال: والله لنغزونه في جوف الكعبة وجاء أبو شريح الخزاعيّ إلى عمر بن سعيد فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما أذن لي بالقتال فيها ساعة من نهار، ثم عادت كحرمتها بالأمس. فقال له عمر: نحن أعلم بحرمتها منك أيها الشيخ. وقيل إنّ يزيد كتب إلى عمر بن سعيد أن يبعث عمر بن الزبير بالجيش إلى أخيه، فبعثه في ألفي مقاتل وعلى مقدّمته أنيس. فنزل أنيس بذي طوى ونزل عمر بالأبطح وبعث إلى أخيه أن برّ يمين