ابن سعيد بن العاص، وعلى البصرة عبيد الله بن زياد، وعلى الكوفة النعمان بن بشير. ولم يكن همّه إلا بيعة النفر الذين أبوا على معاوية بيعته، فكتب إلى الوليد بموت معاوية، وأن يأخذ حسينا وابن عمر وابن الزبير بالبيعة من غير رخصة فلما قرأ مروان الكتاب بنعي معاوية، استرجع وترحم، واستشار الوليد في أمر أولئك النفر، فأشار عليه أن يحضرهم لوقته فإن بايعوا وإلا قتلهم قبل أن يعلموا بموت معاوية، فيثب كل رجل منهم في ناحية، إلّا ابن عمر فإنه لا يحب القتال، ولا يحب الولاية، إلا أن يرفع إليه الأمر. فبعث الوليد لوقته عبد الله بن عمرو بن عثمان وهو غلام حدث، فجاء إلى الحسين وابن الزبير في المسجد في ساعة لم يكن الوليد يجلس فيها للناس وقال: أجيبا الأمير فقالا: لا تنصرف إلا أن نأتيه، ثم حدّثا فيما بعث إليهما، فلم يعلموا ما وقع. وجمع الحسين فتيانه وأهل بيته وسار اليه فأجلسهم بالباب، وقال إنّ دعوتكم أو سمعتم صوتي عاليا فادخلوا بأجمعكم. ثم دخل فسلّم ومروان عنده فشكرهما على الصلة بعد القطيعة، ودعا لهما بإصلاح ذات البين فأقرأه الوليد الكتاب بنعي معاوية ودعاه إلى البيعة، فاسترجع وترحم وقال: مثلي لا يبايع سرّا ولا يكتفى بها مني، فإذا ظهرت إلى الناس ودعوتهم كان أمرنا واحدا وكنت أوّل مجيب فقال الوليد وكان يحب المسالمة: انصرف. فقال مروان: لا يقدر منه على مثلها أبدا حتى تكثر القتلى بينك وبينهم، ألزمه البيعة وإلا اضرب عنقه. فوثب الحسين وقال أنت تقتلني أو هو! كذبت والله! وانصرف إلى منزله. وأخذ مروان في عذل الوليد. فقال: يا مروان والله ما أحب أنّ لي ما طلعت الشمس من مال الدنيا وملكها، وأني قتلت الحسين إن قال لا أبايع. واما ابن الزبير فاختفى في داره وجمع أصحابه، وألح الوليد في طلبه، وبعث مواليه فشتموه وهدّدوه، وأقاموا ببابه في طلبه، فبعث ابن الزبير أخاه جعفرا يلاطف الوليد ويشكو ما أصابه من الذعر، ويعده بالحضور من الغداة، وأن يصرف رسله من بابه، فبعث إليهم وانصرفوا.
وخرج ابن الزبير من ليلته مع أخيه جعفر وحدهما، وأخذا طريق الفرع إلى مكة فسرح الرحالة في طلبه فلم يدركوه ورجعوا وتشاغلوا بذلك عن الحسين سائر يومه. ثم أرسل إلى الحسين يدعوه فقال: أصبحوا وترون وفري. وسار في الليلة الثانية ببنيه وإخوته وبني أخيه إلا محمد بن الحنفية، وكان قد نصحه وقال تنحّ عن يزيد وعن الأمصار ما استطعت، وابعث دعاتك إلى الناس، فإن أجابوك فاحمد الله، وإن