مضمرا للغدر به. ثم بلغه انتقاض أهل التعكر عليه فرجع، ولم يزل منصور في ملكه بزبيد إلى أن وزر له أبو منصور عبيد الله فقتله مسموما سنة سبع عشرة وخمسمائة، ونصب فاتكا ابنه طفلا صغيرا. واستبد عليه، وقام بضبط الملك وهان عليه التعرض لآل نجاح حتى هربت منه أم فاتك هذا، وسكنت خارج المدينة، وكان قرما شجاعا، وله وقائع مع الأعداء. وحاربه ابن نجيب داعي العلوية فامتنع عليه، وهو الّذي شيد المدارس للفقهاء بزبيد واعتنى بالحاج. ثم راود مفارك بنت جياش، ولم تجد بدّا من إسعافه فأمكنته حتى إذا قضى وطره مسحت ذكره بمنديل مسموم فنثر لحمه. وذلك سنة أربع وعشرين وخمسمائة. وقام بأمر فاتك بعده زريق من موالي نجاح. قال عمارة: كان شجاعا فاتكا قرما، وكان من موالي أم فاتك المخصين بها.
قال عمارة: وفي سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة توفي فاتك بن المنصور، وولي بعده ابن عمه وسميه فاتك بن محمد بن فاتك، وسرور قائم بوزارته وتدبير دولته ومحاربة أعدائه. وكان يلازم المسجد إلى أن دس عليه علي بن مهدي الخارجي من قتله في المسجد وهو يصلي العصر يوم الجمعة ثاني عشر صفر سنة إحدى وخمسين وخمسمائة وثار السلطان بالقاتل فقتل جماعة من أهل المسجد، ثم قتل واضطرب موالي نجاح بالدولة وثار عليهم ابن مهدي الخارجي وحاربهم مرارا، وحاصرهم طويلا واستعانوا بالشريف المنصور أحمد بن حمزة السليماني، كان يملك صعدة فأغاثهم على أن يملكوه ويقتلوا سيدهم فاتك بن محمد، فقتلوه سنة ثلاث وخمسين، وملكوا عليهم الشريف أحمد، فعجز عن مقاومة ابن مهدي، وفرّ تحت الليل، وملكها علي بن مهدي سنة أربع وخمسين وخمسمائة وانقرض أمر آل نجاح والملك للَّه.
[(الخبر عن دولة بني الزريع بعدن من دعاة العبيديين باليمن وأولية أمرهم ومصايره)]
وعدن هذه من أمنع مدائن اليمن، وهي على ضفة البحر الهندي. وما زالت بلد تجارة من عهد التبابعة، وأكثر بنائهم بالأخصاص، ولذلك يطرقها تجار الحرير كثيرا، وكانت صدر الإسلام دار ملك لبني معن ينتسبون إلى معن بن زائدة، ملكوها من