للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخبر عن ملوك بابل من النبط والسريانيين وملوك الموصل ونينوى من الجرامقة]

قد تقدم لنا أنّ ملك الأرض من بعد نوح عليه السلام كان لكنعان بن كوش بن حام، ثم لابنه النمروذ من بعده، وانه كان على بدعة الصابئة، وأنّ بني سام كانوا حنفاء ينتحلون التوحيد الّذي عليه الكلدانيون من قبلهم. قال ابن سعيد: ومعنى الكلدانيين الموحدين. ووقع ذكر النمروذ في التوراة منسوبا إلى كوش بن حام، ولم يقع فيها ذكر لكنعان بن كوش، فاللَّه أعلم بذلك. وقال ابن سعيد أيضا: وخرج عابر بن شالخ بن أرفخشذ فغلبه، وسار من كوثا إلى أرض الجزيرة والموصل فبنى مدينة مجدل لك، وأقام بها إلى أن هلك، وورث أمره ابنه فالغ من بعده، وأصاب النمروذ وقومه على عهد سيدنا إبراهيم عليه السلام ما أصابهم في الصرح وكانت البلبلة وهي المشهورة. وقد وقع ذكرها في التوراة ولا أدري معناها. والقول بأن الناس أجمعين كانوا على لغة واحدة فباتوا عليها، ثم أصبحوا وقد افترقت لغاتهم، قول بعيد في العادة، إلّا أن يكون من خوارق الأنبياء فهو معجزة حينئذ ولم ينقلوه كذلك. والّذي يظهر أنه اشارة إلى التقدير الإلهي في خرق العادة وافتراقها وكونها من آياته كما وقع في القرآن الكريم، ولا يعقل في أمر البلبلة غير ذلك.

وقال ابن سعيد سوريان بن نبيط ولاه فالغ على بابل، فانتقض عليه وحاربه، ولما هلك فالغ قام بأمره بعده ابنه ملكان، فغلبه سوريان على الجزيرة، وملكها هؤلاء الجرامقة إخوانه في النسب بنو جرموق بن أشوذ بن سام، وكانت مواطنهم بالجزيرة وكان ابن أخت سوريان منهم الموصل بن جرموق، فولّاه سوريان على الجزيرة وأخرج بني عابر منها، ولحق ملكان منها بالجبال فأقام هناك، ويقال إن الخضر من عقبه، واستبد الموصل على خاله سوريان بن نبيط ملك بابل، وامتازت مملكة الجرامقة من مملكة النبط. وملك بعد الموصل ابنه راتق وكانت له حروب مع النبط، وملك من بعده ابنه أثور وبقي ملكها في عقبه وهو مذكور في التوراة، وملك بعده ابنه نينوى وبنى المدينة المقابلة للموصل من عدوة دجلة المعروفة باسمه، ثم كان من عقبه سنجاريف بن أثور بن نينوى بن أثور وهو الّذي بنى مدينة سنجار وغزا بني إسرائيل فصلبوه على بيت المقدس.

<<  <  ج: ص:  >  >>