كان جدّهم أسد بن سامان من أهل خراسان وبيوتها وينتسبون في الفرس تارة وإلى سامة بن لؤيّ بن غالب أخرى، وكان لأسد أربعة من الولد: نوح وأحمد ويحيى وإلياس. وتقدّموا عند المأمون أيام ولايته خراسان واستعملهم، ولما انصرف المأمون إلى العراق ولىّ على خراسان غسّان بن عبّاد من قرابة الفضل بن سهل، فولّى نوحا منهم على سمرقند وأحمد على فرغانة ويحيى على الشاش وأشروسنة وإلياس على هراة. فلما ولي طاهر بن الحسين بعده أقرّهم على أعمالهم ثم مات نوح بن أسد فأقر إخوته يحيى وأحمد على عمله، وكان حسن السيرة ومات إلياس بهراة، فولّى عبد الله ابن طاهر مكانه ابنه أبا إسحاق محمد بن إلياس، وكان لأحمد بن أسد من البنين سبعة: نصر ويعقوب ويحيى وإسماعيل وإسحاق وأسد وكنيته أبو الأشعث وحميد وكنيته أبو غانم. فلما توفي أحمد استخلف ابنه نصرا على أعماله بسمرقند وما إليها، وأقام إلى انقراض أيام بني طاهر وبعدهم، وكان يلي أعماله من قبل ولاة خراسان إلى حين انقراض أيام بني طاهر. واستولى الصفّار على خراسان فعقد المعتمد لنصر هذا على أعماله من قبله سنة إحدى وستين، ولما ملك يعقوب الصفّار خراسان كما قلنا بعث نصر جيوشه إلى شطّ جيحون مسلحة من الصفّار، فقتلوا مقدّمهم ورجعوا إلى بخارى، وخشيهم واليها على نفسه ففرّ عنها، فولّوا عليهم ثم عزلوا ثم ولّوا ثم عزلوا، فبعث نصر أخاه إسماعيل لضبط بخارى. ثم ولي خراسان بعد ذلك رافع بن هرثمة بدعوة بني طاهر، وغلب الصفّار عليها، وحصلت بينه وبين إسماعيل صاحب بخارى موالاة اتفقا فيها على التعاون والتعاضد، وطلب منه إسماعيل أعمال خوارزم، فولّاه إيّاها، وفسد ما بين إسماعيل وأخيه نصر، وزحف نصر إليه سنة اثنتين وسبعين، واستجاش إسماعيل برافع بن هرثمة فسار إليه بنفسه مددا، ووصل إلى بخارى، ثم أوقع الصلح بينه وبين أخيه خوفا على نفسه، وانصرف رافع ثم انتقض ما بينهما وتحاربا سنة خمس وسبعين، وظفر إسماعيل بنصر. ولما حضر عنده ترجّل له إسماعيل وقبّل يده وردّه إلى كرسي إمارته بسمرقند، وأقام نائبا عنه ببخارى، وكان إسماعيل خيرا مكرّما لأهل العلم والدين.