الدال. وكان له ولد اسمه سعيد وترقّى في حياة أبيه في المراتب السلطانية. ثم اغتبط دون غايته وفي ثالث مهلكه كان مهلك الشيخ أبي سعيد عثمان بن محمد الهنتاني المعروف بالعود الرطب، ويعرف أهل بيته بالمغرب ببني أبي زيد. وكان منهم عبد العزيز المعروف بصاحب الأشغال كان فرّ من المغرب أيام السعيد لجفوة نالته، ولحق بسجلماسة سنة إحدى وأربعين وقد كان انتزى بها عبد الله الهزرجي، وبايع للأمير أبي زكريا فأجازه عبد الله إلى تونس، ونزل على الأمير أبي زكريا ونظّمه في طبقات مشيخة الموحّدين وأهل مجلسه. ثم حظي عند ابنه المستنصر بعد نكبة بني النعمان حظوة لا كفاء لها. واستولى على الرأي والتدبير إلى أن هلك سنة ثلاث وسبعين وستمائة فشيع طيّب الذكر ملحقا بالرضوان من الخاصة والعامة، والله مالك الأمور.
[(الخبر عن انتقاض أهل الجزائر وفتحها)]
كان أهل الجزائر لما رأوا تقلّص ظلّ الدولة عن زناتة وأهل المغرب الأوسط حدّثوا أنفسهم بالاستبداد والقيام على أمرهم، وخلع ربقة الطاعة من أعناقهم فجاهروا بالخلعان. وسرّح السلطان إليهم العساكر سنة تسع وستين وستمائة وأوعز إلى صاحب القفر صاحبه وهو أبو هلال عياد بن سعيد الهنتاتي فقدم إليها في عساكر الموحدين سنة إحدى وسبعين وستمائة ونازلها مدّة حول، وامتنعت عليه فأقلع عنها ورجع إلى بجاية، وهلك بمعسكر ببني ورا سنة ثلاث وسبعين وستمائة.
ثم إن السلطان صرف عزمه إلى منازلتهم سنة أربع وسبعين وستمائة وسرّح إليهم العساكر في البر وأنفذ الأساطيل في البحر وعقد على عسكر تونس لأبي الحسن بن ياسين وأوعز إلى عامل بجاية بإنفاذ عسكر آخر فأنفذه لنظر أبي العبّاس بن أبي الأعلام، ونهضت هذه العساكر برا وبحرا إلى أن نازلتها وأحاطت بها من كل جانب، واشتدّ حصارها. ثم افتتحها عنوة وأثخن فيهم القتل وانتهبت المنازل وافتضح الكرائم في أبكارهنّ. وتقبّض على مشيخة البلد فنقلوا إلى تونس وصفدين، واعتقلوا بالقصبة إلى أن سرّحهم الواثق بعد مهلك السلطان والله تعالى أعلم