ينوب عن أبيه بالشرطة، فحملها إلى ابن عمه إسحاق بن إبراهيم بن مصعب وخرج إلى عمله ونزل الرقّة لقتال نصر بن شيث. ثم سار طاهر إلى خراسان آخر ذي القعدة سنة خمس ومائتين. وقيل في سبب ولاية طاهر خراسان أنّ عبد الرحمن المطوّع جمع جموعا كثيرة بنيسابور لقتال الحروريّة، ولم يستأذن غسّان بن عبّاد وهو الوالي على خراسان، فخشي أن يكون ذلك من المأمون فاضطرب وتعصّب له الحسن بن سهل. وخشي المأمون على خراسان فولّى طاهرا وسار إلى خراسان فأقام بها إلى سنة سبع، ثم اعتزم على الخلاف وخطب يوما فأمسك عن الدعاء للمأمون ودعا بصلاح الأمّة، وكتب صاحب البريد بذلك إلى المأمون بخلعه، فدعا بأحمد بن أبي خالد فقال: أنت ضمنته! فسر وائتني به ثم جاء من الغد الخبر بموته فقال المأمون للبريد ونعم الحمد للَّه الّذي قدّمه وأخّرنا، وولّى طلحة من قبله وبعث إليه المأمون أحمد بن أبي خالد ليقوم بأمره فعبر أحمد إلى ما وراء النهر وافتتح أشر وسنة وأسر كاووس بن خالد حدّد وابنه الفضل، وبعث بهما إلى المأمون ووهب طلحة لأحمد بن أبي خالد ثلاثة آلاف ألف درهم وعروضا بألف ألف ولمكاتبته خمسمائة ألف درهم. ثم خالف الحسين بن الحسين بن مصعب بكرمان فسار إليه أحمد بن أبي خالد وأتى به إلى المأمون فعفا عنه.
[ولاية عبد الله بن طاهر الرقة ومصر ومحاربته نصر بن شيث]
وفي سنة ست ومائتين بلغ الخبر بوفاة يحيى بن معاذ عامل الجزيرة، وأنه استخلف ابنه أحمد، فولّى المأمون عبد الله بن طاهر مكانه وجعل له ما بين الرقّة ومصر، فأمره بحرب نصر بن شيث وقيل ولّاه سنة خمس، وقيل سنة سبع، واستخلف على الشرطة ببغداد إسحاق بن إبراهيم بن الحسين بن مصعب وهو ابن عمّه، وكتب إليه أبو طاهر كتابا بالوصية جمع فيه محاسن الآداب والسياسة ومكارم الأخلاق، وقد ذكرناه في مقدّمة كتابنا، فسار عبد الله بن طاهر لذلك وبعث الجيوش لحصار نصر ابن شيث بكيسوم في نواحي جانب، ثم سار إليه بنفسه سنة تسع ومائتين، وأخذ بمخنقه. وبعث إليه المأمون محمد بن جعفر العامري يدعوه إلى الطاعة، فأجاب على شرط أن لا يحضر عنده. فتوقف المأمون وقال: ما باله ينفر مني؟ فقال أبو جعفر: لما