للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله وارث الأرض ومن عليها.

[(الخبر عن إمارة علي بن بدر الدين على الغزاة بالأندلس ومصاير أمره)]

قد ذكرنا أنّ موسى بن رحّو بن عبد الله بن عبد الحق، كان أجاز إلى الأندلس مع محمد وعامر ابني إدريس بن عبد الحق وقومهم، أولاد سوط النساء سنة تسع وستين وسبعمائة ثم رجع إلى المغرب وفرّ إلى تلمسان وأجاز منها إلى الأندلس. وولي إمارة الغزاة بها إلى أن هلك بعد أن أصهر إليه السلطان يوسف بن يعقوب في ابنته، فعقد له عليها وزفّها إليه سنة تسع وسبعين وسبعمائة مع وفد من قومهم. وكان لموسى بن رحّو من الولد جماعة أكبرهم المحمدان جمال الدين وبدر الدين، وضع عليهما هذين اللقبين على طريقة أهل المشرق الشريف المكيّ الوافد على المغرب لذلك العهد من شرفاء مكة. وكان هؤلاء الأعياص من ملوكهم وأقيالهم يعظمون أهل البيت النبوي ويلتمسون الدعاء والبركة منهم فيما تيسّر من أحوالهم، فحمل موسى بن رحّو ولديه هذين عند وضعهما إلى الشريف يحنّكهما ويدعو لهما، فقال له الشريف خذ إليك جمال الدين، وقال في الآخر خذ إليك بدر الدين، فاستحب موسى دعاءهما بهذين اللقبين تبرّكا بتسمية الشريف بهما، فاشتهرا بهذين الاسمين. ولما بلغا الأشد وشاركا أباهما في حمل الرئاسة وكان من مهلكه ما ذكرناه، وانحرفت رياسة الغزاة عنهما إلى عمّهما عبد الحق وابنه، فلحق جمال الدين منهما بالطاغية سنة ثلاث ثم أجاز البحر من قرطاجنّة الى السلطان يوسف بن يعقوب من معسكره من حصار تلمسان، واستقرّ في جملته حتى إذا هلك السلطان تصدّى ابنه ابو سالم للقيام بأمره، وكان مغلّبا مضعّفا فلم يتمّ أمره، وتناول الملك أبو ثابت حافد السلطان واستولى عليه. وفرّ أبو سالم عشيّ مهلكه ومعه من القرابة جمال الدين هذا وأعمامه العباس وعيسى وعلي بنو رحّو بن عبد الله، فتقبّض عليهم في طريقهم بمديونة وسيقوا إلى السلطان أبي ثابت، فقتل عمّه أبا سالم وجمال الدين بن موسى بن رحّو، وامتنّ على الباقين واستحياهم، وانصرف السلطان بعدها إلى الأندلس، فكانت له في الجهاد آثار كما ذكرناه قبل. وأما بدر الدين فلم يزل بالأندلس مع قومه، ومحله من الرئاسة والتجلّة

<<  <  ج: ص:  >  >>