أبا محمد بقصر ابن فاخر، وتقبّض على كاتبه أبي عمرو طرا من الأندلس. واستكتبه ابو محمّد فغلب على هواه، وكان يغريه بأخيه، فبسط الأمير أبو زكريا عليه العذاب إلى أن هلك. ثم بعث أخاه أبا محمد في البحر إلى المغرب فاستبدّ بملكه، واستوزر ميمون بن موسى الهنتاتي، واستقامت أموره.
[(الخبر عن استبداد الأمير أبي زكريا بالأمر لبني عبد المؤمن)]
لما اتّصل به ما أتاه المأمون من قتل الموحّدين بمراكش، وخصوصا هنتاتة وتين ملّل.
وكان منهم أخواه أبو محمد عبد الله المخلوع وإبراهيم، وأنه أشاع النكير على المهديّ في العصمة، وفي وضع العقائد والنداء للصلوات باللسان البربري، وإحداث النداء لصبح وتربيع شكل الدرهم وغير ذلك من سننه. وأنّه غيّر رسوم الدعوة، وبدّل صول الدولة. وأسقط اسم الإمام من الخطبة والسكّة وأعلن بلعنه. ووافق بلوغ الخبر بذلك وصول بعض العمّال إلى تونس بتولية المأمون فصرفهم، وأعلن بخلعه سنة ست وعشرين وستمائة. وحوّل الدعوة إلى يحيى ابن أخيه الناصر المنتزي عليه بجبال الهساكرة. ثم اتصل به بعد ذلك عجز يحيى واستقلاله، فأغفله واقتصر على ذكر الإمام المهديّ، وتلقّب بالأمير ورسم علامته به في صدور مكتوباته. ثم جدّد البيعة لنفسه سنة أربع وثلاثين وستمائة، وثبت ذكره في الخطبة بعد ذكر الإمام مقتصرا على لفظ الأمير، لم يجاوزه إلى أمير المؤمنين. وخاض أولياء دولته في ذلك حتى رفع إليه بعض شعرائه في مفتتح كلمة مدحه بها:
الأصل بالأمير المؤمنينا ... فأنت بها أحق العالمينا
فزحزحهم عن ذلك وأبي عنه، ولم يزل على ذلك إلى آخر دولته.
[(الخبر عن فتح بجاية وقسنطينة)]
لما استقلّ الأمير أبو زكريا بالأمر بتونس، وخلع بني عبد المؤمن، نهض إلى قسنطينة