فأخرجوه، ونقضوا طاعة ابن طولون فبعث إليهم العساكر مع غلامه لؤلؤ، وأمره بالملاينة فحاصرهم أياما وهو يلين لهم حتى طمعوا فيه، ونالوا من عسكره فبعث إلى أحمد بخبره فأمره بالاشتداد فشدّ حصارهم، ونصب عليهم المجانيق فاستأمنوا، ودخل البلد وقبض على جماعة من أعيانهم فضربهم وقطعهم، ورجع إلى مصر واستعمل عليهم مولى من مواليه، وذلك قبل خلاف العبّاس على أبيه.
[(انتقاض لؤلؤ على ابن طولون)]
كان ابن طولون قد ولّى مولاه لؤلؤا على حلب وحمص وقنسرين وديار مضر من الجزيرة، وأنزله الرقّة، وكان يتصرّف عن أمره. ومتى وقع في مخالفته عاقب ابن سليمان كاتب لؤلؤ فسقط لؤلؤ في المال، وقطع الحمل عن أحمد بن طولون. وخاف الكاتب مغبّة ذلك، فحمل لؤلؤا على الخلاف، وأرسل إلى الموفّق بعد أن شرط على المعتمد شروطا أجابه الموفق إليها، وسار إلى الرقّة وبها ابن صفوان العقيلي، فحاربه وملكها منه وسلّمها إلى أحمد بن مالك بن طوق. وسار إلى الموفّق فوصل إليه بمكانه من حصار صاحب الزنج وأقبل عليه، واستعان به في تلك الحروب، وولّاه على الموصل. ثم قبض عليه سنة ثلاث وسبعين ومائتين وصادره على أربعمائة ألف دينار فافتقر وعاد إلى مصر آخر أيام هارون بن خماروي فقيرا فريدا.
(مسير المعتمد الى ابن طولون وعوده عنه من الشام)
كان ابن طولون يداخل المعتمد في السرّ ويكاتبه، ويشكو إليه المعتمد ما هو فيه من الحجر والتضييق عليه من أخيه الموفّق، والموفّق بسبب ذلك ينافر ابن طولون ويسعى في إزالته عن مصر. ولما وقع خلاف لؤلؤ على ابن طولون خاطب المعتمد وخوّفه الموفّق واستدعاه إلى مصر، وأنّ الجيوش عنده لقتال الفرنج. فأجابه المعتمد إلى ذلك، وأراد لقاءه بجميع عساكره فمنعه أهل الرأي من أصحابه، وأشاروا عليه بالعدول عن المعتمد جملة، وأنّ أمره يؤل معه إلى أكثر من أمر الموفّق، من أجل بطانته التي