للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دؤاد وإتياخ [١] ووصيف وعمر بن فرح وابن الزيّات، وأراد البيعة لمحمد بن واثق وهو غلام إمّر [٢] فألبسوه، فإذا هو قصير فقال وصيف: أما تتقون الله تولّون الخلافة مثل هذا! ثم تناظروا فيمن يولونه وأحضروا المتوكل فألبسه ابن أبي دؤاد الطويلة وعمّمه وسلّم عليه بامارة المؤمنين ولقبه المتوكل، وصلّى على الواثق ودفنه. ثم وضع العطاء للجند لثمانية أشهر، وولّى على بلاد فارس إبراهيم بن محمد بن مصعب، وكان على الموصل غانم بن محمد الطويس فأقرّه وعزل ابن العبّاس محمد بن صول عن ديوان النفقات وعقد لابنه المنتصر على الحرمين واليمن والطائف.

[نكبة الوزير ابن الزيات ومهلكه]

كان محمد بن عبد الملك بن الزيّات قد استوزره الواثق فاستمكن من دولته وغلب على هؤلاء، وكان لا يحفل بالمتوكل ولا يوجب حقّه، وغضب الواثق عليه مرّة فجاء إلى ابن الزيّات ليستنزله فأساء معاملته في التحية والملاقاة فقال: اذهب فإنك إذا صلحت رضي عنك. وقام عنه حزينا فجاء إلى القاضي أحمد بن دؤاد [٣] فلم يدع شيئا من البرّ إلا فعله وحيّاه وفدّاه، وخطب حاجته فقال: أحب أن ترضي عني أمير المؤمنين فقال: أفعل ونعمة عين! ولم يزل بالواثق حتى رضي عنه. وكان ابن الزيّات كتب إلى الواثق عند ما خرج عنه المتوكل أنّ جعفرا أتاني فسأل الرضا عنه وله وفرة شبه زي المخنّثين، فأمره الواثق أن يحضره من شعر قفاه فاستحضره فجاء يظن الرضا عنه وأمر حجّاما أخذ من شعره وضرب به وجهه فحقد له ذلك وأساء له. ولما ولي الخلافة بقي شهرا ثم أمر إتياخ أن يقبض عليه ويقيّده بداره ويصادره، وذلك في صفر سنة ثلاث وثلاثين، فصادره واستصفى أمواله وأملاكه وسلّط عليه أنواع العذاب، ثم جعله في تنور خشب في داخله مسامير تمنع من الحركة وتزعج من فيه لضيقه، ثم مات منتصف ربيع الأوّل، وقيل إنه مات من الضرب وكان لا يزيد على التشهّد وذكر الله. وكان عمر بن الفرح الرحجي [٤] يعامل المتوكل بمثل ذلك فحقد له، ولما استخلف قبض عليه في رمضان واستصفى أمواله ثم صودر على أحد عشر ألف ألف.


[١] اسمه الحقيقي إيتاخ وقد مرّ معنا في فصل سابق من هذا الكتاب.
[٢] أمرد: ابن الأثير ج ٧ ص ٣٣.
[٣] هو أحمد بن أبي دؤاد.
[٤] عمر بن الفرج الرخّجي: ابن الأثير ج ٧ ص ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>