للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستخلصه، وكان خصيّا يقال إنّ طغرلبك خصاه لأنه تزوّج بامرأة خطبها له، وغطّى عليه فظفر به فحاصره وأقرّه على خدمته. وقيل أشاع عند أعدائه أنه تزوّجها ولم يكن ذلك فخصى نفسه ليأمن من غائلته، وكان شديد التعصّب على الشافعيّة والأشعريّة. واستأذن السلطان في لعن الرافضة على منابر خراسان، ثم أضاف إليهم الأشعرية فاستعظم ذلك أئمة السنة. وفارق خراسان أبو القاسم القشيري ثم أبو المعالي إلى مكّة فأقام أربعة سنين يتردّد بين الحرمين يدرّس ويفتي حتى لقّب إمام الحرمين.

فلمّا جاء دولة ألب أرسلان أحضرهم نظام الملك وزيره فأحسن إليهم وأعاد السلطان ألب أرسلان السيدة بنت الخليفة التي كانت زوجة طغرلبك إلى بغداد، وبعث في خدمتها الأمير أيتكين السليماني، وولّاه شحنة ببغداد، وبعث معها أيضا أبا سهل محمد بن هبة الله المعروف بابن الموفّق لطلب الخطبة ببغداد فمات في طريقه، وكان من رؤساء الشافعيّة بنيسابور. وبعث السلطان مكانه العميد أبا الفتح المظفّر بن الحسين فمات أيضا في طريقه، فبعث وزيره نظام الملك، وخرج عميد الملك ابن الوزير فخر الدولة بن جهيّر لتلقّيهم، وجلس لهم القائم جلوسا فخما في جمادى الأولى من سنة ست وخمسين، وساق الرسل بتقليد ألب أرسلان السلطنة، وسلّمت إليهم الخلع بمشهد من الناس، ولقّب ضياء الدولة، وأمر بالخطبة له على منابر بغداد، وأن يخاطب بالولد المؤيد حسب اقتراحه، فأرسل إلى الديوان لأخذ البيعة النقيب طراد الزينبي، فأرسل إليه بنقجوان من أذربيجان، وبايع وانتقض على السلطان ألب أرسلان من السلجوقية صاحب هراة وصغانيان، فسار إليهم وظفر بهم كما نذكر في أخبارهم ودولتهم عند إفرادها بالذكر انتهى.

[فتنة قطلمش والجهاد بعدها]

كان قطلمش هذا من كبار السلجوقية وأقربهم نسبا إلى السلطان طغرلبك، ومن أهل بيته، وكان قد استولى على قومة واقصراي [١] وملطية، وهو الّذي بعثه السلطان طغرلبك أوّل ما ملك بغداد سنة تسع وأربعين لقتال البساسيري وقريش بن بدران صاحب الموصل، ولقيهم على سنجار الريّ. فجهّز ألب أرسلان العساكر من نيسابور في المحرّم من سنة سبع وخمسين، وساروا على المفارقة فسبقوا قطلمش إلى


[١] قونية وأقصرا: ابن الأثير ج ١٠ ص ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>