للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عصابة بني أميّة وجمهور أهل الحلّ والعقد من قريش وتستتبع عصبيّة مضر أجمع وهي أعظم من كلّ شوكة ولا تطاق مقاومتهم فأقصروا عن يزيد بسبب ذلك وأقاموا على الدّعاء بهدايته والرّاحة منه وهذا كان شأن جمهور المسلمين والكلّ مجتهدون ولا ينكر على أحد من الفريقين فمقاصدهم في البرّ وتحرّي الحقّ معروفة وفّقنا الله للاقتداء بهم.

والأمر الثّاني هو شأن العهد مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وما تدّعيه الشّيعة من وصيّته لعليّ رضي الله عنه

وهو أمر لم يصحّ ولا نقله أحد من أئمّة النّقل والّذي وقع في الصّحيح من طلب الدّواة والقرطاس ليكتب الوصيّة وأنّ عمر منع من ذلك فدليل واضح على أنّه لم يقع وكذا قول عمر رضي الله عنه حين طعن وسئل في العهد فقال: «إن أعهد فقد عهد من هو خير منّي» يعني أبا بكر «وإن أترك فقد ترك من هو خير منّي» يعني النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يعهد وكذلك قول عليّ للعبّاس رضي الله عنهما حين دعاه للدّخول إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يسألانه عن شأنهما في العهد فأبى عليّ من ذلك وقال إنّه إن منعنا منها فلا نطمع فيها آخر الدّهر وهذا دليل على أنّ عليّا علم أنّه لم يوص ولا عهد إلى أحد وشبهة الإماميّة في ذلك إنّما هي كون الإمامة من أركان الدّين كما يزعمون وليس كذلك وإنّما هي من المصالح العامّة المفوّضة إلى نظر الخلق ولو كانت من أركان الدّين لكان شأنها شأن الصّلاة ولكان يستخلف فيها كما استخلف أبا بكر في الصّلاة ولكان يشتهر كما اشتهر أمر الصّلاة واحتجاج الصّحابة على خلافة أبي بكر بقياسها على الصّلاة في قولهم ارتضاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لديننا أفلا نرضاه لدنيانا دليل على أنّ الوصيّة لم تقع.

ويدلّ ذلك أيضا على أنّ أمر الإمامة والعهد بها لم يكن مهمّا كما هو اليوم وشأن العصبيّة المراعاة في الاجتماع والافتراق في مجاري العادة لم يكن يومئذ بذلك الاعتبار لأنّ أمر الدّين والإسلام كان كلّه بخوارق العادة من تأليف القلوب عليه واستماتة النّاس دونه وذلك من أجلّ الأحوال الّتي كانوا يشاهدونها في حضور

<<  <  ج: ص:  >  >>