نيسابور ثلاثين ألف دينار، فرّقوها في أصحابهم. وجلس طغرلبك على سرير ملك مسعود بدار الملك، وصار يقعد للمظالم يومين في الأسبوع على عادة ولاة خراسان، وكانوا يخطبون للملك مسعود مغالطة وإيهاما.
[(مسير السلطان مسعود من غزنة إلى خراسان واجلاء السلجوقية عنها)]
ولما بلغ الخبر إلى السلطان مسعود باستيلاء طغرلبك والسلجوقية على نيسابور، جمع عساكره من غزنة وسار إلى خراسان فنزل بلخ في صفر سنة ثلاثين وأربعمائة وأصهر إلى بعض ملوك الخانية دفعا لشرّه. وأقطع خوارزم ولحق إسماعيل بطغرلبك. ثم أراح السلطان مسعود وفرغ من خوارزم والخانية، فبعث السلطان سباسي، فسار إليهم في العساكر فلم يشف نفسه، ونزل سرخس، وعدلوا عن لقائه، ودخلوا المفازة التي بين مرو وخوارزم، واتبعهم السلطان مسعود وواقعهم في شعبان من هذه السنة، فهزمهم فما بعدوا حتى عادوا في نواحيه، فأوقع بهم أخرى. وكان القتلى فيها منهم ألفا وخمسمائة، وهربوا إلى المفازة. وثار أهل نيسابور بمن عندهم وقتلوهم، ولحق فلّهم بأصحابهم في المفازة. وعدل السلطان إلى هراة ليجهّز العساكر ليطلبهم، فبلغه الخبر بأنّ طغرلبك سار إلى أستراباذ، وأقام بها في فصل الشتاء يظن أنّ الثلج يمنعهم عنه، فسار السلطان إليه هنالك، ففارقها طغرلبك وعدل عن طوس إلى جبال الريّ التي كان فيها طغرلبك وأصحابه، وقد امتنعوا بحالهم خوفا من السلطان لما كان منهم من موالاة السلجوقية، فاغذّ إليهم السير، وصبحهم فتركوا أهلهم وأموالهم واعتصموا بوعر الجبل، وغنمت عساكره جميع ما استولوا عليه. ثم صعد إليهم بنفسه وعساكره وهلك كثير من العسكر بالثلج في شعاب الجبل ثم ظفروا بهم في قلّة الجبل واستلحموهم، وسار مسعود إلى نيسابور في جمادى سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة ليريح ويخرج في فصل الربيع لطلبهم في المفاوز. ثم عاد طغرلبك وأصحابه من المفازة وبعث إليهم السلطان بالوعيد. فيقال إنّ طغرلبك قال لكاتبه أكتب إليه:
«قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ» ٣: ٢٦ الآية. ولا تزده عليها. ولما ورد الكتاب على السلطان مسعود، كتب إليه «وآنسه بالمواعيد» وبعث إليه بالخلع، وأمره بالرحيل إلى آمل