للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصائف. وكانت ملوك الحبشة من وراء البحر يهادونه ويخطبون مواصلته. ولما مات خلف صبيا صغيرا اسمه عبد الله، وقيل إبراهيم وقيل زياد، وكفلته أخته ومولاه رشيد الحبشي واستبد عليهم إلى أن انقرضت دولتهم سنة سبع وأربعمائة. ثم هلك هذا الطفل، فولوا طفلا آخر من بني زياد أصغر منه، وقال ابن سعيد: لم يعرف عمارة اسمه لتوالي الحجبة عليه، ويعني عمارة مؤرخ اليمن، وقيل هذا الطفل الأخير اسمه إبراهيم، وكفلته عمته ومرجان من موالي الحسن بن سلامة. واستبد بأمرهم ودولتهم، وكان له موليان اسم أحدهما قيس، والآخر نجاح، فجعل الطفل المملك في كفالته وأنزله معه بزبيد. وولى نجاحا على سائر الأعمال خارج زبيد ومنها الكرارة واللجم. كان يؤثر قيسا على نجاح، ووقع بينهما تنافر، ورفع لقيس أن عمة الطفل تميل إلى نجاح وتكاتبه دونه فقبض عليها بإذن مولاه مرجان ودفنها حية، واستبد وركب بالمظلة، وضرب السكة. وانتقض نجاح لذلك فزحف في العساكر وبرز قيس للقائه، فكانت بينهما حروب ووقائع، انهزم قيس في آخرها وقتل في خمسة آلاف من عسكره. وملك نجاح زبيد سنة عشرة وأربعمائة ودفن قيسا ومولاه مرجانا مكان الطفل والعمة، واستبد وضرب السكة باسمه. وكاتب ديوان الخلافة ببغداد فعقد له على اليمن. ولم يزل مالكا لتهامة قاهرا لأهل الجبال، وانتزع الجبال كلها من مولاه الحسن بن سلامة. ولم تزل الملوك تتقي صولته إلى أن قتله علي الصليحي القائم بدعوة العبيديين على يد جارية بعث بها إليه سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، فقام بالأمر بعده بزبيد مولاه كهلان. ثم استولى الصليحي على زبيد وملكها من يده كما يذكر.

[(الخبر عن بني الصليحي القائمين بدعوة العبيديين باليمن)]

كان القاضي محمد بن علي الهمدانيّ ثم الصليحي رئيس حران من بلاد همذان، وينتسب في بني يام، ونشأ له ولد اسمه علي، وكان صاحب الدعوة يومئذ عامر بن عبد الله الزوايي نسبة إلى زواية من قرى حران، ويقال إنه كان عنده كتاب لجعفر من ذخائر أبيهم بزعمهم، فزعموا أن علي ابن القاضي محمد مذكور فيه، فقرأ على علي عامل ابن خلدون م ١٨ ج ٤

<<  <  ج: ص:  >  >>