للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(الخبر عن سبتة ودولة بني عصام بها)]

نت سبتة هذه من الأمصار القديمة قبل الإسلام، وكانت يومئذ منزل يليان ملك ارة، ولما زحف إليه موسى بن نصير صانعه بالهدايا وأذعن للجزية، فأقرّه عليها سترهن ابنه وأبناء قومه، وأنزل طارق بن زياد بطنجة للجزية، وضرب عليهم مسكر للنزول معه. ثم كانت إجازة طارق إلى الأندلس فضرب عليهم البعوث، كان الفتح لا كفاء له كما مرّ في موضعه. ولما هلك يليان استولى العرب على مدينة سبتة صلحا من أيدي قومه فعمّروها. ثم كانت فتنة ميسرة الحقير وما دعا إليه من سلالة الخارجيّة، وأخذ بها الكثير من البرابرة من غمارة وغيرهم، فزحف من برابرة سنجة إلى سبتة وأخرجوا العرب منها وسبوها وخرّبوها فبقيت خلاء.

نزل بها ماجكس من رجالاتهم ووجوه قبائلهم، وبه سميت مجكسة فبناها ورجع إليها الناس وأسلم. وسمع من أهل زمانه إلى أن مات فقام بأمره ابنه عصام ووليها هرا. ولما هلك قام بأمره ابنه مجير فلم يزل واليا عليها إلى أن هلك، ووليها أخوه يرضي ويقال إنه ابنه، وكانوا يعطون لبني إدريس طاعة مضعفة كما نذكره. ولما سما لناصر أمل في ملك المغرب، وتناول حبله من أيدي بني إدريس المالكين ببلاد لهبط وغمارة حين أجهضتهم كتامة [١] وزناتة عن ملكهم بفاس، وقاموا بدعوة لناصر وبثوها في أعمالهم نزلوا حينئذ للناصر عن سبتة، وأشاروا له إلى تناولها من بني عاصم، فسرّح إليها عساكره وأساطيله مع قائده نجاح بن غفير، فكان فتحها سنة


[ () ] السهول الساحلية حيث كان يسكن بنو حسان منهم قبل دخول العرب الهلاليين حتى تصل الى تامسنا، حيث مواطن قبائل برغواطة. ثم حدثت تغيرات كثيرة في مساكن القبائل المصمودية منذ القرن السادس الهجريّ الّذي غمرت فيه المغرب موجات من العرب الهلاليين والمنضافين اليهم، فزاحموا قبائل البربر ومنهم غمارة بالسهول وألجئوها إلى الجبال، واضطر من بقي منها في غير الجبل الى التعرّب والاندماج فيهم، وقد تضاءلت المنطقة التي تسكنها القبائل المسماة اليوم غمارة وهي واقعة الى الجنوب الشرقي من تطواف على ساحل البحر ولكن قبائل غمارة المعروفة بأسمائها الفرعية ما زالت تعمر منطقة أوسع وأكبر. كما ان قبائل أخرى معروفة بالاسم الأصلي أو الأسماء الفرعية انتقلت من مواطنها الاولى الى مواطن جديدة بالمغرب الأقصى والمغرب الأوسط (قبائل المغرب/ ٣٢٥- ٣٢٦) .
[١] وفي نسخة ثانية: مكناسة.

<<  <  ج: ص:  >  >>