شوش فحاصرها وضيق عليها وامتنعت عليه فجمر العساكر لحصارها وعاد إلى الموصل ثم اشتدّ الحصار بأهلها وانقطعت عنهم الأسباب فاستأمنوا إلى لؤلؤ ونزلوا له عنها على شروط اشترطوها وقبلها وبعث نوابه عليها والله تعالى أعلم.
[حصار مظفر الدين الموصل]
كان الأشرف بن العادل بن أيوب قد استولى على الموصل ودخل لؤلؤ في طاعته واستولى على خلاط وسائر أرمينية وأقطعها أخاه شهاب الدين غازي ثم جعله وليّ عهده في سائر أعماله ثم نشأت الفتنة بينهما فاستظهر غازي بأخيه المعظم صاحب دمشق وبمظفّر الدين كوكبري وتداعوا لحصار الموصل فجمع أخوهما الكامل عساكره وسار إلى خلاط فحاصرها بعد أن بعث إلى المعظم صاحب دمشق وتهدّده فأقصر عن مظاهرة أخيه واستنجد غازي مظفر الدين كوكبري صاحب أربل فسار إلى الموصل وحاصرها ليأخذ بحجزة الأشرف عن خلاط ونهض المعظم صاحب دمشق لإنجاد أخيه غازي وكان لؤلؤ صاحب الموصل قد استعدّ للحصار فأقام عليها مظفر الدين عشرا ثم رحل منتصف إحدى وعشرين لامتناعها عليه ولقيه الخبر بأنّ الأشرف قد ملك خلاط من يد أخيه فندم على ما كان منه.
انتقاض أهل العماديّة على لؤلؤ ثم استيلاؤه عليها
قد تقدّم لنا انتقاض أهل قلعة العماديّة من أعمال الموصل سنة خمس عشرة ورجوعه إلى عماد الدين زنكي ثم عودهم إلى طاعة لؤلؤ فأقاموا على ذلك مدّة ثم عادوا إلى ديدنهم من التمريض في الطاعة وتجنوا على لؤلؤ بعزل نوابه فعزلهم مرّة بعد أخرى ثم استبدّ بها أولاد خواجا إبراهيم وأخوه فيمن تبعهم وأخرجوا من خالفهم وأظهروا العصيان على لؤلؤ فسار إليهم سنة اثنتين وعشرين وحاصرهم وقطع الميرة عنهم وبعث عسكر الى قلعة هزوران وقد كانوا تبعوا أهل العماديّة في العصيان فحاصرهم حتى استأمنوا وملكها ثم جهز العساكر الى العماديّة مع نائبة أمين الدين وعاد إلى الموصل واستمر الحصار إلى ذي القعدة من السنة ثم راسلوا أمين الدين في الصلح على مال وأقطاع وعوض عن القلعة وأجاب لؤلؤ إلى ذلك وكان أمين الدين قد وليها قبل ذلك فكان له فيها بطانة مستمدّون على عهده ومكاتبته وسخط كثير من أهل البلد فعل أولاد خواجا إبراهيم واستئثارهم بالصلح دونهم فوجد