خندق عتيق له جسر يرفع ويحط عند الحاجة، فحاصره محمود سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة وطمّ الخندق بالأعواد والتراب في يوم واحد، وزحف لقتاله بالفيول. وتقدّم عظيمها فاقتلع باب الحصن بنابه وألقاه، وملك محمود السور الأوّل ودفع عنه أصحاب خلف إلى السور الثاني. ثم إلى الثالث كذلك فخرج خلف واستأمن.
وحضر عنده محمود وخيّره في المقام حيث شاء من البلاد فاختار الجوزجان، وأقام بها أربع سنين. ثم نقل عنه الخوض في الفتنة، وأنه راسل أيلد خان يغريه بمحمود، فنقله الى جردين وحبسه لك إلى أن هلك سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، وورثه ابنه أبو حفص. ولما ملك محمود سجستان واستنزل خلف من حصن الطاق، ولّى على سجستان أحمد الفتحي من قوّاد أبيه. ثم انتقض أهل سجستان فسار إليهم محمود سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة في ذي الحجة، وحصرهم في حصن أوّال [١] واقتحمه عليهم عنوة وقتل أكثرهم وسبى باقيهم حتى خلت سجستان منهم، وصفا ملكها له فأقطعها أخاه نصرا مضافة إلى نيسابور، وانقرض ملك بني الصفّار وذويهم من سجستان والبقاء للَّه وحده.
[(الخبر عن دولة بني سامان ملوك ما وراء النهر المقيمين بها الدولة العباسية وأولية ذلك ومصائره)]
أصل بني سامان هؤلاء من العجم، كان جدّهم أسد بن سامان من أهل خراسان وبيوتها، وينتسبون في الفرس إلى بهرام حشيش الّذي ولّاه كسرى أنوشروان مرزبان أذربيجان. وبهرام حشيش من أهل الريّ ونسبهم إليه هكذا أسد بن سامان خذاه بن جثمان بن طغان بن نوشردين بن بهرام نجرين بن بهرام حشيش. ولا وثوق لنا بضبط هذه الأسماء. وكان لأسد أربعة من الولد: نوح وأحمد ويحيى والياس، وأصل دولتهم هذه فيما وراء النهر أنّ المأمون لمّا ولي خراسان اصطنع بني أسد هؤلاء، وعرف لهم حق سلفهم واستعملهم. فلمّا انصرف إلى العراق ولّى على خراسان غسّان بن عبّاد من قرابة الفضل بن طاهر، مكان ابنه إسحاق ومحمد بن الياس. ثم مات