للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضبط أمير الجيوش البلاد وولّى عليها العمّال. وفي سنة أربع وثمانين استولى الفرنج على جزيرة صقلّيّة، وكان أمير الجيوش قد ولّى على مدينة صور منير الدولة الجيوشي من طائفته، فانتقض سنة ست وثمانين، وبعث إليه أمير الجيوش العساكر فثار به أهل المدينة، واقتحمت عليهم العساكر وبعث منير الدولة إلى مصر في جماعة من أصحابه فقتلوا كلهم. ثم توفي أمير الجيوش بدر الجمالي سنة سبع وثمانين في ربيع الأوّل لثمانين سنة من عمره. وكان له موليان أمين الدولة لاويز ونصير الدولة أفتكين فحذّرهم [١] بأنه يروم الاستبداد ورغّبه في ولد مولاه بدر، فلما قضى بدر نحبه استدعى المستنصر لاويز ليقلّده فأنكر ذلك أفتكين وركب في الجند وشغبوا على المستنصر، واقتحموا القصر وأسمعوه خشن الكلام فرجع إلى ولاية ولد بدر، وقدّم للوزارة ابنه محمد الملك أبا القاسم شاه، ولقّبه بالأفضل مثل لقب أبيه. وكان أبو القاسم بن المقري رديفا لبدر في وزارته بما كان اختصّه لذلك، فولّى بعد موته الوزارة المقري وكانت عندهم عبارة عن التوقيع بالقلم الغليظ. وقام الأفضل أبو القاسم بالدولة وجرى على سنن أبيه في الاستبداد، وكانت وفاة المستنصر قريبا من ولايته.

[(وفاة المستنصر وولاية ابنه المستعلي)]

ثم توفي المستنصر معدّ بن الظاهر [٢] يوم التروية سنة سبع وثمانين لستين سنة من خلافته ويقال لخمس وستين بعد أن لقي أهوالا وشدائد، وانفتقت عليه فتوق استهلك فيها أمواله وذخائره حتى لم يكن له إلّا بساطه الّذي يجلس عليه، وصار إلى حد العزل والخلع، حتى تدارك أمره باستقدام بدر الجمالي من عكا فتقوّم أمره، ومكّنه في خلافته. ولمّا مات خلف من الولد أحمد ونزارا وأبا القاسم، وكان المستنصر فيما يقال قد عهد لنزار، وكانت بينه وبين أبي القاسم الأفضل عداوة، فخشي بادرته وداخل عمّته في ولاية أبي القاسم، على أن تكون لها كفالة الدولة، فشهدت بأنّ المستنصر عهد له بمحضر القاضي والداعي فبويع ابن ست، ولقّب المستعلي باللَّه،


[١] هكذا بياض بالأصل ومقتضى السياق ان المستنصر حذّر أمين الدولة لاويز ونصير الدولة (ناصر الدولة:
أفتكين بان بدر الجمالي يروم الاستبداد.. ابن الأثير ج ١٠ ص ٢٣٨)
[٢] هو المستنصر باللَّه ابو تميم معدّ بن أبي الحسن عليّ الظاهر لإعزاز دين الله العلويّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>