للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الخبر عن انتقاض الأمير أبي يحيى زكريا بالمهدية ودخوله في دولة أبي عنان ثم نزوله عنها الى الطاعة وتصاريف ذلك)

كان الحاجب أبو محمد عند رجوعه إلى الحضرة صرف عنايته إلى تحصين المهديّة يعدّها للدولة وزرا من حادث ما يتوقعه من المغرب وأهله، فشيّد من أسوارها وشحن بالأقوات والأسلحة مخازنها ومستودعاتها، وكان أحمد بن خلف من أوليائه وذويه مستبدا عليه فأقام على ذلك حولا أو بعضه. ثم ضجر الأمير أبو يحيى زكريا من الاستبداد عليه واستنكف من حجره في سلطانه فوثب به [١] أحمد بن خلف فقتله، وبعث عن أبي العبّاس أحمد بن مكي صاحب جربة وقابس ليقيم له رسم الحجابة لما كان مناوئا لأبي محمد بن تافراكين كافله فوصل إليه، وطيّروا بالخبر إلى السلطان أبي عنّان صاحب المغرب وبعثوا إليه ببيعتهم واستحثّوه لصريخهم. واضطراب أمرهم وسرّح أبو محمد بن تافراكين إليها العسكر فأجفلوا أمامه، ولحق المولى أبو يحيى زكريا بقابس، واستولى عليها العسكر واستعمل عليها أبو محمد بن تافراكين محمد بن الحكجاك من قرابة ابن ثابت، اصطنعه عند ما وقعت الحادثة على طرابلس، ولحق به فاستعمله على المهديّة. ولمّا وصل الخبر إلى أبي عنّان بشأن المهديّة جهّز إليها الأسطول وشحنه بالمقاتلة والرجال، وعيّن الموالي والخاصّة فألفوها وقد رجعت إلى إيالة الحضرة، ووصل إليها ابن الحكجاك وأقام بها وحسن غناؤه فيها إلى أن كان من أمره ما نذكر.

وأقام الأمير زكريا بقابس، وأجلب به أبو العبّاس بن مكي على تونس. ثم بعثوه بالزواودة ونزل على يعقوب بن علي وأصهر إليه في ابنة أخيه سعيد، فعقد له عليها.

ولما استولى أخوه أبو إسحاق على بجاية استعمله على سدويكش بعض الأعوام، ولم يزل بين الزواودة إلى أن هلك سنة ست وسبعين وسبعمائة كما نذكره بعد والله تعالى أعلم.


[١] وفي نسخة أخرى فبيّت.

<<  <  ج: ص:  >  >>