كان على البصرة الحرث بن أبي ربيعة وهو القبّاع عاملا لابن الزبير. وعلى شرطته عبّاد بن حسين وعلى المقاتلة قيس بن الهيثم. وجاء المثنّى بن مخرمة العبديّ وكان ممن شهد مع سليمان بن صرد، ورجع فبايع للمختار وبعثه إلى البصرة يدعو له بها فأجابه كثير من الناس، وعسكر لحرب القبّاع. فسرّح إليه عبّاد بن حسين وقيس بن الهيثم في العساكر فانهزم المثنّى إلى قومه عبد القيس، وأرسل القبّاع عسكرا يأتونه به فجاءه زياد بن عمر العنكبيّ فقال له: لتردنّ خيلك عن إخواننا أو لنقاتلنّهم فأرسل الأحنف بن قيس وأصلح الأمر على أن يخرج المثنّى عنهم فسار إلى الكوفة. وقد كان المختار لما أخرج ابن مطيع من البصرة كتب إلى ابن الزبير يخادعه ليتمّ أمره في الدعاء لأهل البيت، وطلب المختار في الوفاء بما وعده به من الولاية، فأراد ابن الزبير أن يتبين الصحيح من أمره، فولّى عمر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام على الكوفة، وأعلمه بطاعة المختار وبعثه إليها وجاء الخبر إلى المختار، فبعث زائدة بن قدامة في خمسمائة فارس، وأعطاه سبعين ألف درهم، وقال: ادفعها إلى عمر فهي ضعف ما أنفق، وأمره بالانصراف بعد تمكث، فإن أبى فأره الخيل فكان كذلك. ولما رأى عمر الخيل أخذ المال وسار نحو البصرة، واجتمع هو وابن مطيع في امارة القبّاع قبل وثوب ابن مخرمة. وقيل إنّ المختار كتب إلى ابن الزبير: إني اتخذت الكوفة دارا فإن سوّغتني ذلك وأعطيتني مائة ألف درهم سرت إلى الشام وكفيتك مروان، فمنعه من ذلك فأقام المختار بطاعته ويوادعه ليتفرّغ لأهل الشام ثم بعث عبد الملك بن مروان عبد الملك بن الحرث ابن الحكم بن أبي العاص إلى وادي القرى فكتب المختار إلى ابن الزبير يعرض عليه المدد فأجابه أن يعجل بإنفاذ الجيش إلى جند عبد الملك بوادي القرى فسرّح شرحبيل ابن دوس الهمدانيّ في ثلاثة آلاف أكريم [١] من الموالي وأمره أن يأتي المدينة ويكاتبه بذلك، واتهمه ابن الزبير فبعث من مكّة عبّاس بن سهل بن سعد في ألفين وأمره أن يستنفر العرب وإن رأى من جيش المختار خلافا ناجزهم وأهلكهم. فلقيهم عبّاس
[١] كذا في الأصل وفي الكامل لابن الأثير ج ٤ ص ٢٤٧: فدعا المختار شرحبيل بن ورس الهمدانيّ فسيّره في ثلاثة آلاف أكثرهم من الموالي ... »