للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يزيد وخرج صول عن البحيرة وقتل يزيد من الأتراك أربعة عشر ألفا وأمر إدريس بن حنظلة العمى أن يحصي ما في البحيرة ليعطي الجند فلم يقدر. وكان فيها من الحنطة والشعير والأرزّ والسمسم والعسل شيء كثير ومن الذهب والفضة كذلك ولما صالح يزيد أصبهبذ طبرستان كما قدّمناه سار إلى جرجان وعاهد الله إن ظفر بهم ليطحننّ القمح على سائل دمائهم ويأكل منه فحاصرهم سبعة أشهر وهم يخرجون إليه فيقاتلونه ويرجعون وكانوا متمنعين [١] في الجبل والأوعار وقصد رجل من عجم خراسان فأتبع [٢] بخلا في الجبل وانتهى إلى معسكرهم وعرف الطريق إليه ودلّ الأدلّة على معالمه، وأتى يزيد فأخبره فانتخب ثلاثمائة رجل مع ابنه خالد وضم إليه جهم بن ذخر وبعثه وذلك الرجل يدل به، وواعده أن يناهضهم العصر من الغداة ولما كان الغد وقت الظهر أحرق يزيد كل حطب عنده حتى اضطرمت النيران ونظر العدوّ إلى النار فهالهم وحاموا للقتال آمنين خلفهم فناشبهم يزيد إلى العصر وإذا بالتكبير من ورائهم فهربوا إلى حصنهم وأتبعهم المسلمون فأعطوا ما بأيديهم ونزلوا على حكم يزيد فقتل المقاتلة وسبى الذرّية وقاد منهم اثني عشر ألفا إلى وادي جرجان، ومكّن أهل الثأر منهم حتى استلحموهم وجرى الماء على الدم وعليه الأرحاء فطحن وخبز وأكل وقتل منهم أربعين ألفا وبنى مدينة جرجان ولم تكن بنيت قبل ورجع إلى خراسان وولّى على جرجان جهم بن ذخر الجعفيّ ولما قتل مقاتلهم صلبهم فرسخين عن يمين الطريق ويساره.

[وفاة سليمان وبيعة عمر بن عبد العزيز]

ثم توفى سليمان بدابق من أرض قنّسرين من سنة تسعة وتسعين في صفر منها، وقد كان في مرضه أراد أن يعهد إلى ولده داود، ثم استصغره وقال له كاتبه رجاء بن حيوة ابنك غائب عنك بقسطنطينية ولا يعرف حياته من موته فعدل إلى عمر بن عبد العزيز وقال له: إني والله لأعلم أنها تكون فتنة ولا يتركونه أبدا يلي عليهم إلا أن أجعل أحدهم بعده، وكان عبد الملك قد جعل ذلك له وكتب بعد البسملة هذا كتاب من عبد الله بن سليمان أمير المؤمنين لعمر بن عبد العزيز: إني قد وليتك الخلافة من بعدي


[١] الأصح ان يقول ممتنعين.
[٢] بياض بالأصل وفي الكامل ج ٥ ص ٣٤: فبينا هم على ذلك إذ خرج رجل من عجم خراسان يتصير، وقيل رجل من طيِّئ فأبصر وعلا في الجبل فتبعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>