للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ساكنها وتخرب كما وقع بمصر وبغداد والكوفة بالمشرق والقيروان والمهديّة وقلعة بني حمّاد بالمغرب وأمثالها فتفهّمه وربّما ينزل المدينة بعد انقراض مختطّيها الأوّلين ملك آخر ودولة ثانية يتّخذها قرارا وكرسيّا يستغني بها عن اختطاط مدينة ينزلها فتحفظ تلك الدّولة سياجها وتتزايد مبانيها ومصانعها بتزايد أحوال الدّولة الثّانية وترفها وتستجدّ بعمرانها عمرا آخر كما وقع بفاس والقاهرة لهذا العهد والله سبحانه وتعالى أعلم وبه التّوفيق.

[الفصل الثاني في أن الملك يدعو إلى نزول الأمصار]

وذلك أن القبائل والعصائب إذا حصل لهم الملك اضطرّوا للاستيلاء على الأمصار لأمرين أحدهما ما يدعو إليه الملك من الدّعة والرّاحة وحطّ الأثقال واستكمال ما كان ناقصا من أمور العمران في البدو والثّاني دفع ما يتوقّع على الملك من أمر المنازعين والمشاغبين لأنّ المصر الّذي يكون في نواحيهم ربّما يكون ملجأ لمن يروم منازعتهم والخروج عليهم وانتزاع ذلك الملك الّذي سموا إليه من أيديهم فيعتصم بذلك المصر ويغالبهم ومغالبة المصر على نهاية من الصّعوبة والمشقّة والمصر يقوم مقام العساكر المتعدّدة لما فيه من الامتناع ونكاية [١] الحرب من وراء الجدران من غير حاجة إلى كثير عدد ولا عظيم شوكة لأنّ الشّوكة والعصابة إنّما احتيج إليهما في الحرب للثّبات لما يقع من بعد كرّة القوم بعضهم على بعض عند الجولة وثبات هؤلاء بالجدران فلا يضطرّون إلى كبير عصابة ولا عدد فيكون حال هذا الحصن ومن يعتصم به من المنازعين ممّا يفتّ في عضد [٢] الأمّة الّتي تروم الاستيلاء ويخضد شوكة استيلائها فإذا كانت بين


[١] نكيت في العدو: أي هزمته وغلبته (لسان العرب) .
[٢] فت في عضده: كسر قوته وفرق عنه أعدائه (قاموس) .

<<  <  ج: ص:  >  >>