على الموحّدين فنبذوا إليهم العهد وأخرجوهم واستقلّ ابن هود بالأمر في الأندلس ثمّ سما ابن الأحمر للأمر وخالف ابن هود في دعوته فدعا هؤلاء لابن أبي حفص صاحب إفريقية من الموحّدين وقام بالأمر وتناوله بعصابة قريبة من قرابته كانوا يسمّون الرّؤساء ولم يحتج لأكثر منهم لقلّة العصائب بالأندلس وإنّها سلطان ورعيّة ثمّ استظهر بعد ذلك على الطّاغية بمن يجيز إليه البحر من أعياص زناتة فصاروا معه عصبة على المثاغرة والرّبّاط ثمّ سما لصاحب من ملوك زناتة أمل في الاستيلاء على الأندلس فصار أولئك الأعياص عصابة ابن الأحمر على الامتناع منه إلى أن تأثّل [١] أمره ورسخ وألفته النّفوس وعجز النّاس عن مطالبته وورثه أعقابه لهذا العهد فلا تظنّ أنّه بغير عصابة فليس كذلك وقد كان مبدؤه بعصابة إلّا أنّها قليلة وعلى قدر الحاجة فإنّ قطر الأندلس لقلّة العصائب والقبائل فيه يغني عن كثرة العصبيّة في التّغلّب عليهم والله غنيّ عن العالمين.
[الفصل العاشر في ان من طبيعة الملك الانفراد بالمجد]
وذلك أنّ الملك كما قدّمناه إنّما هو بالعصبيّة والعصبيّة متألّفة من عصبات كثيرة تكون واحدة منها أقوى من الأخرى كلّها فتغلبها وتستولي عليها حتّى تصيّرها جميعا في ضمنها وبذلك يكون الاجتماع والغلب على النّاس والدّول وسرّه أنّ العصبيّة العامّة للقبيل هي مثل المزاج للمتكوّن والمزاج إنّما يكون عن العناصر وقد تبيّن في موضعه أنّ العناصر إذا اجتمعت متكافئة فلا يقع منها مزاج أصلا بل لا بدّ من أن تكون واحدة منها هي الغالبة على الكلّ حتّى تجمعها وتؤلّفها وتصيّرها عصبيّة واحدة شاملة لجميع العصائب وهي موجودة في ضمنها