للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكرامة ما شاء، وبعث معه هذا العسكر فانتهوا إلى بجاية، وضايقوها ثم جاوزوها إلى تاكرارت وبلاد سدويكش، وعاثوا في تلك الجهات ودوّخوها وانقلبوا راجعين إلى السلطان يوسف بن يعقوب بمعسكره من تلمسان.

وكان السلطان أبي عصيدة صاحب الحضرة لما علم بإمداد الأمير أبي زكريا لعثمان بن يغمراسن بعث إلى يوسف بن يعقوب عدوّهم وحرّضه على بجاية ونواحيها، وسفر له [١] في ذلك رئيس الموحّدين أبا عبد الله بن الكجار أولى سفارته. ثم سفر ثانية سنة ثلاث وسبعمائة بهدية ضخمة فأغرب فيها بسرج وسيف ومهماز من الذهب من صنعة الحلي الفاخر من حصى الياقوت والجوهر. ورافقه في هذه السفارة الثانية وزير الدولة أبو عبد الله بن يرزيكن ورجعا بهدية ضخمة من يوسف بن يعقوب كان من جملتها ثلاثمائة من البغال، واتصلت المخاطبات والسفارات والهدايا والملاطفات. وكان يوسف بن يعقوب يكاتب السلطان في تلك الشؤون تعريضا ويكاتب رئيس الموحّدين أبا يحيى اللحياني وتردّد عساكر بني مرين إلى نواحي بجاية إلى أن هلك يوسف بن يعقوب كما يأتي في أخباره إن شاء الله تعالى.

[(الخبر عن مقتل هداج وفتنة الكعوب وبيعتهم لابن أبي دبوس وما كان بعد ذلك من نكبتهم)]

كان هؤلاء الكعوب قد عظمت ثروتهم واصطناعهم منذ قيامهم بأمر الأمير أبي حفص [٢] ، فعمّروا ونموا وبطروا النعمة، وكثر عيثهم وفسادهم وطال إضرارهم بالسابلة وحطمهم للجنات، وانتهابهم للزرع، فاضطغن لهم العامّة وحقدوا عليهم سوء آثارهم. ودخل رئيسهم هداج بن عبيد سنة خمس وسبعمائة إلى البلد فحضرته [٣] العيون وهمّت به العامة. وحضر المسجد لصلاة الجمعة فتجنّوا عليه بأنه وطئ المسجد بخفّيه. وقال لم أنكر عليه ذلك: «إني أدخل مجلس السلطان بهما»


[١] وفي نسخة أخرى: وسفر بينهما من ذلك رئيس الموحّدين أبو عبد الله بن اكمارير أولى سفاراته.
[٢] وفي نسخة أخرى: كان هؤلاء الكعوب قد أثرتهم الدولة واصطنعتهم منذ قيامهم بأمر الأمير أبي حفص.
[٣] وفي نسخة أخرى: فخزرته: من خزر أي نظر بمؤخر عينه.

<<  <  ج: ص:  >  >>