النّسب وأقوى عصبيّاته فاعتبره واجتنب المغالط فيه ولا تجعل من هذا الباب إلحاق مهديّ الموحّدين بنسب العلويّة فإنّ المهديّ لم يكن من منبت الرّئاسة في هرثمة قومه، وإنّما رأس عليهم بعد اشتهاره بالعلم والدّين ودخول قبائل المصامدة في دعوته وكان مع ذلك من أهل المنابت المتوسّطة فيهم والله عالم الغيب والشّهادة.
[الفصل الثالث عشر في أن البيت والشرف بالاصالة والحقيقة لأهل العصبية ويكون لغيرهم بالمجاز والشبه]
وذلك أنّ الشّرف والحسب إنّما هو بالخلال ومعنى البيت أن يعدّ الرّجل في آبائه أشرافا مذكورين يكون له بولادتهم إيّاه والانتساب إليهم تجلّة في أهل جلدته لما وقر في نفوسهم من تجلّة سلفه وشرفهم بخلالهم والنّاس في نشأتهم وتناسلهم معادن قال صلّى الله عليه وسلّم «النّاس معادن خيارهم في الجاهليّة خيارهم في الإسلام إذا فقهوا» فمعنى الحسب راجع إلى الأنساب وقد بيّنا أنّ ثمرة الأنساب وفائدتها إنّما هي العصبيّة للنّعرة والتّناصر فحيث تكون العصبيّة مرهوبة والمنبت فيها زكيّ محميّ تكون فائدة النّسب أوضح وثمرتها أقوى وتعديد الأشراف من الآباء زائد في فائدتها فيكون الحسب والشّرف أصليّين في أهل العصبيّة لوجود ثمرة النّسب وتفاوت البيوت في هذا الشّرف بتفاوت العصبيّة لأنّه سرّها ولا يكون للمنفردين من أهل الأمصار بيت إلّا بالمجاز وإن توهّموه فزخرف من الدّعاوى وإذا اعتبرت الحسب في أهل الأمصار وجدت معناه أنّ الرّجل منهم يعدّ سلفا في خلال الخير ومخالطة أهله مع الرّكون إلى العافية ما استطاع وهذا مغاير لسرّ العصبيّة الّتي هي ثمرة النّسب وتعديد الآباء لكنّه يطلق عليه حسب وبيت