فامتنع بها، فهدم أبو خوال القصر واتبعه. وتوغل أبو خوال في بلاد كتامة فاضطرب أمره، وتوقع البيات. وسار إبراهيم بن موسى بن عيّاش من عسكر أبي خوال إلى نواحي مسيلة يتجسّس الأخبار فتواقع مع طائفة من أصحاب الشيعي فهزموه واتبعوه إلى المعسكر فاضطرب، وأجفل أبو خوال وخرج من بلاد كتامة، واستوطن أبو عبد الله إيكجان وبنى بها بلدا وسمّاها دار الهجرة، واستبصر الناس في أمره ودخلوا في دعوته. ثم هلك الحسن بن هارون، وجهّز أبو العباس العساكر ثانية مع ابنه أبي خوّال ورده لحرب الشيعي وكتامة فسار في بلادهم، ورجع منهزما وأقام قريبا منهم يدافعهم، ويمنعهم من التقدّم. وفي خلال ذلك هلك إبراهيم بن أحمد بن الأغلب وقتل ابنه أبو العبّاس، وقام بالأمر ابنه زيادة الله فاستدعى أخاه أبا خوال وقتله، وانتقل من تونس إلى وقادة، وانهمك في لذاته، وانتشرت جيوش الشيعي في البلاد، وعلا أمره وبشّرهم بأنّ المهدي قرب ظهوره فكان كما قال.
(وصول المهدي الى المغرب واعتقاله بسجلماسة ثم خروجه من الاعتقال وبيعته)
ولما توفي محمد الحبيب بن جعفر بن محمد بن إسماعيل الإمام، عهد إلى ابنه عبيد الله وقال له: أنت المهدي وتهاجر بعدي هجرة بعيدة، وتلقى محنا شديدة. واتصل خبره بسائر دعاته في إفريقية واليمن، وبعث إليه أبو عبد الله رجالا من كتامة يخبرونه بما فتح الله عليهم، وأنهم في انتظاره. وشاع خبره واتصل بالعبّاسيّين، فطلبه المكتفي ففرّ من أرض الشام الى العراق، ثم لحق بمصر ومعه ابنه أبو القاسم غلاما حدثا وخاصته ومواليه، بعد أن كان أراد قصد اليمن فبلغه ما أحدث بها عليّ بن الفضل من بعد ابن حوشب، وأنه أساء السيرة فأنثنى عن ذلك، واعتزم على اللحاق بأبي عبد الله الشيعي بالمغرب فارتحل من مصر إلى الإسكندرية، ثم خرج من الاسكندرية في زي التجّار. وجاء كتاب المكتفي إلى عامل مصر وهو يومئذ عيسى النوشري بخبرهم، والقعود لهم بالمراصد، وكتب نعته وحليته فسرّح في طلبهم حتى وقف عليهم، وامتحن أحوالهم فلم يقف على اليقين في شيء منها فخلى سبيلهم. وجدّ المهدي في السير وكان له كتب في الملاحم منقولة عن آبائه سرقت من رحله في