السلاح عدّة في سبيل الله، وفي وسم الخيل الملك للَّه. ثم ارتحل إلى سجلماسة في طلب المهدي، واستخلف على إفريقية أخاه أبا العبّاس، وترك معه أبا زاكي تمام بن معارك الألجائي واهتزّ المغرب لخروجه، وفرّت زناتة من طريقه. ثم بعثوا إليه بالطاعة فقبلهم وأرسل إلى اليسع بن مدرار صاحب سجلماسة يتلطّفه فقتل الرسل، وخرج للقائه. فلمّا تراءى الجمعان انفض معسكره وهرب هو وأصحابه وخرج أهل البلد من الغد للشيعي وجاءوا معه إلى محبس المهدي وابنه فأخرجهما وبايع للمهدي، ومشي مع رؤساء القبائل بين أيديهما وهو يبكي من الفرح ويقول: هذا مولاكم حتى أنزله بالمخيّم، وبعث في طلب اليسع فأدرك، وجيء به فقتل، وأقاموا بسجلماسة أربعين يوما ثم ارتحلوا إلى إفريقية، ومرّوا بأيكجان، فسلّم الشيعي ما كان بها من الأموال للمهديّ. ثم نزلوا رقادة في ربيع سنة سبع وتسعين، وحضر أهل القيروان وبويع للمهدي البيعة العامّة، واستقام أمره وبث دعاته في الناس فأجابوا إلا قليلا عرض عليهم السيف، وقسّم الأموال والجواري في رجال كتامة، وأقطعهم الأعمال، ودوّن الدواوين وجبى الأموال وبعث العمّال على البلاد فبعث على طرابلس ماكنون بن ضبارة الألجائي، وعلى صقلّيّة الحسن بن أحمد بن أبي خنزير، فسار إليها ونزل البحر، ونزل مازر في عيد الأضحى من سنة سبع وتسعين، فاستقضى إسحاق بن المنهال، وولّى أخاه على كريت. ثم أجاز البحر سنة ثمان وتسعين إلى العدوة الشمالية، ونزل بسيط قلورية من بلاد الإفرنج فأثخن فيها، ورجع إلى صقلّيّة فأساء السيرة في أهلها فثاروا به وحبسوه، وكتبوا إلى المهدي فقبل عذرهم، وولّى عليهم مكانه عليّ بن عمر البلويّ فوصل خاتم تسع وتسعين.
[(مقتل أبي عبد الله الشيعي وأخيه)]
لما استقام سلطان عبيد الله المهدي بإفريقية استبدّ بأمره، وكفح أبا عبد الله الشيعي وأخاه أبا العبّاس عن الاستبداد عليه، والتحكّم في أمره فعظم ذلك عليهما، وصرّح أبو العبّاس بما في نفسه فنهاه أخوه أبو عبد الله عن ذلك، فلم يصغ إليه. ثم استماله أبو العبّاس لمثل رأيه فأجابه، وبلغ ذلك إلى المهدي فلم يصدّقه. ثم نهى أبا عبد الله عن