المرشحين، وسرّبت إليهم الأموال. وجاءهم عثمان ابن السلطان أبي يعقوب مستاما، فزجروه واستدعوا السلطان أبا سعيد، فحضر وبايعوه ليلتئذ وأنفذ كتبه إلى النواحي والجهات باقتضاء البيعة. وسرّح ابنه الأكبر الأمير أبا الحسن إلى فاس، فدخلها غرّة رجب من سنة عشر وسبعمائة. ودخل القصر واطلع على أمواله وذخيرته، وفي غد ليلته أخذت البيعة للسلطان بظاهر تازي على بني مرين، وسائر زناتة والعرب والقبائل والعساكر والحاشية والموالي والصنائع والعلماء والصلحاء ونقباء الناس وعرفائهم والخاصة والدهماء. فقام بالأمر واستوسق له الملك. وفرّق الأعطيات وأسنى الجوائز، وتفقّد الدواوين ورفع الظلامات، وحطّ المغارم والمكوس. وسرّح أهل السجون، ورفع عن أهل فاس وظيفة الرباع [١] وارتحل لعشرين من رجب إلى حضرته، فاحتلّ بفاس. وقدم عليه وفود التهنئة من جميع بلاد المغرب. ثم خرج لذي القعدة بعدها إلى رباط الفتح لتفقّد الأحوال والنظر في أحوال الرعايا، واهتمّ بالجهاد، وأنشأ الأساطيل للغزو في سبيل الله. ولما قضى منسك الأضحى بعده، رجع إلى حضرته بفاس. ثم عقد سنة إحدى عشرة وسبعمائة لأخيه الأمير أبي البقاء يعيش على ثغور الأندلس: الجزيرة ورندة وما إليها من الحصون. ثم نهض من الحصون سنة ثلاث عشرة وسبعمائة إلى مراكش لما كان بها من اختلال الأحوال، وخروج عدي بن هنّو الهسكوري، ونقضه للطاعة، فنازله وحاصره مدّة، واقتحم حصنه عنوة عليه، وحمله إلى دار ملكه عنوة، فأودعه المطبق. ثم رجع إلى غزو تلمسان، والله أعلم.
(الخبر عن حركة السلطان أبي سعيد الى تلمسان أولى حركاته اليها)
لما خرج عبد الحق بن عثمان على السلطان أبي الربيع، وتغلّب على تازى بمظاهرة الحسن بن عليّ بن أبي الطلاق كبير بني عسكر، واختلف رسلهم إلى أبي حمّو موسى بن عثمان سلطان بني عبد الواد، اسف ذلك بني مرين وحرّك من
[١] يعني أنه رفع عنهم ضريبة الربع التي كانوا يدفعونها للحاكم.