للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأحضره السلطان فوبّخه وقرّعه واعتقله بفسطاط في جواره، ثم غطّ من الليل.

وكان مهلكه في رمضان من سنة تسع وستين وسبعمائة سنين من إمارته على مراكش، وبعث السلطان إلى عامر يختبر طاعته بذلك فأبى عليه وجاهر بالخلاف إلى أن كان من شأنهما ما نذكره إن شاء الله تعالى.

[(الخبر عن نكبة الوزير يحيى بن ميمون بن مصمود ومقتله)]

كان يحيى بن ميمون هذا من رجالات دولتهم وربى في دولة السلطان أبي الحسن، وكان عمّه علال عدوّا له بعداوة أبيه. ولما انتزى السلطان أبو عنان على ملك أبيه، استخلص يحيى هذا سائر أيامه، وهلك عمر يوم مهلكه كما ذكرناه. واستعمل يحيى هذا ببجاية، فلم يزل بها إلى أن تقبّض عليه الموحدون، لما استخلصوا بجاية من يده. وسار إلى تونس واعتقل بها مدّة. ثم صرفوه إلى المغرب أيام عمر، فاختصّ به. ولما عقد له السلطان عبد العزيز على وزارته وكان قوي الشكيمة شديد الحزم صعب العداوة مرهف الحدّ، وكان عمّه علال بعد أن أطلقه السلطان من الاعتقال نكبه عن إذنه [١] وأقامه متصرّفا بين يديه، فألقى إلى السلطان استبداد يحيى عليه وحذّره من شأنه، ورفع إليه أنه يروم تحويل الدعوة لبعض القرابة من آل عبد الحق، وأنه داخل في ذلك قوّاد الجند من النصارى. وأصاب الوزير وجع قعد به عن مجلس السلطان، فاختلف الناس إلى زيارته وعكف ببابه قوّاد النصارى، فاستريب بأمرهم وتيقّن الأمر بعكوفهم، فأرسل السلطان من حشمه من تقبّض عليه وأودعه السجن.

ثم جنب إلى مصرعه من الغد وقتل قعصا بالرماح، وقتل المتّهمون من القرابة وقوّاد الجند، واستلحموا جميعا وصاروا مثلا في الآخرين، والأمر للَّه.

(الخبر عن حركة السلطان الى عامر بن محمد ومنازلته بجبله ثم الظفر به)

لما فرغ السلطان من شأن أبي الفضل عقد على مراكش لعليّ بن محمد بن أجّانا من


[١] وفي نسخة ثانية: مكّنه من اذنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>