للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بن حارثة، أمره أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء والداروم إلى الأردن من أرض فلسطين ومشارف الشام، فتجهّز الناس وأوعب معه المهاجرون الأوّلون. فبينا الناس على ذلك ابتدأ صلى الله عليه وسلم بشكواه التي قبضة الله فيها إلى كرامته ورحمته، وتكلم المنافقون في شأن الكرامة، وبلغ الخبر بارتداد الأسود ومسيلمة، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عاصبا رأسه من الصداع وقال: «إني رأيت البارحة في نومي أنّ في عضديّ سوارين من ذهب فكرهتهما فنفختهما فطارا فأوّلتهما هذين الكذّابين صاحب اليمامة وصاحب اليمن وقد بلغني أنّ أقواما تكلموا في إمارة اسامة أن يطعنوا في إمارته لقد طعنوا في إمارة أبيه من قبله وإن كان أبوه لحقيقا بالإمارة وانه لحقيق بها [١] انفروا» . فبعث أسامة فضرب أسامة بالجرف [٢] وتمهل، وثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوفاه الله قبل توجه أسامة.

[أخبار الأسود ومسيلمة وطليحة:]

كان النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما قضى حجة الوداع تحلّل به السير فاشتكى وطارت الأخبار، بذلك فوثب الأسود باليمن كما مرّ، ووثب مسيلمة باليمامة، ثم وثب طليحة بن خويلد في بني أسد، يدعي كلهم النبوة.

وحاربهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرسل والكتب إلى عماله ومن ثبت على إسلامه من قومهم أن يجدّوا في جهادهم، فأصيب الأسود قبل وفاته بيوم ولم يشغله ما كان فيه من الوجع عن أمر الله والذبّ عن دينه، فبعث إلى المسلمين من العرب في كل ناحية من نواحي هؤلاء الكذابين يأمرهم بجهادهم. وجاء كتاب مسيلمة إليه فأجابه كما مرّ وجاء، ابن أخي طليحة يطلب الموادعة فدعا صلى الله عليه وسلم حتى كان من حكم الله فيهم بعده ما كان.

[مرضه صلى الله وسلم عليه:]

أوّل ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك أنّ الله نعى إليه نفسه بقوله إذا جاء نصر الله والفتح إلى آخر السورة، ثم بدأه الوجع لليلتين بقيتا من صفر وتمادى به وجعه وهو يدور على نسائه حتى استقر به في بيت ميمونة، فاستأذن نساءه أن يمرّض في بيت عائشة فأذن له. وخرج على الناس فخطبهم وتحلل منهم وصلى على شهداء أحد واستغفر لهم، ثم قال لهم: إنّ عبدا من عباد الله خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عنده. وفهمها أبو بكر


[١] وفي النسخة الباريسية: لخليق بها.
[٢] وفي نسخة ثانية: الحرق.

<<  <  ج: ص:  >  >>