للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإفرنج من جهات مصر فنازل حصن مجدل وفتحه وغنم ما فيه ثم سار إلى مدينة يافا ففتحها عنوة واستباحها وكان صلاح الدين أيام مقامه بعكا بعث بعوثه إلى قيسارية وحيفا وسطورية وبعليا وشقيف [١] وغيرها في نواحي عكا فملكوها واستباحوها وامتلأت أيديهم من غنائمها وبعث حسام الدين عمر بن الأصعن في عسكر إلى نابلس فملك سبطية مدينة الأسباط وبها قبر زكريا عليه السلام ثم سار إلى مدينة نابلس فملكها واعتصم الإفرنج الذين بها بالقلعة فأقرّهم على أموالهم وبعث تقيّ الدين عمر بن شاهنشاه إلى تبنين ليقطع الميرة عنها وعن صور فوصل إليها وحاصرها وضيق عليها حتى استأمنوا فأمنهم وملكها ومرّ إلى صيدا ومرّ في طريقه بصرخد فملكها بعد قتال وجاء الخبر بفرار صاحب صيدا فسار وملكها آخر جمادى الأولى من السنة ثم سار من يومه إلى بيروت وقاتلها من أحد جوانبها فتوهموا أنّ المسلمين دخلوا عليهم من الجانب الآخر فاهتاجوا لذلك فلم يستقرّوا ولا قدروا على تسكين الهيعة لكثرة ما معهم من أخلاط السواد فاستأمنوا إليه وملكها آخر يوم من جمادى لثمانية أيام من حصارها وكان صاحب جبيل أسير بدمشق فضمن لنائبها تسليم جبيل لصلاح الدين على أن يطلقه فاستدعاه وهو محاصر لبيروت وسلم الحصن وأطلقه وكان من أعيان الإفرنج وأولي الرأي منهم والله تعالى أعلم.

[وصول المركيش إلى صور وامتناعه بها]

كان القمص صاحب طرابلس لما نجا من هزيمة [٢] لحق بمدينة صور وأقام بها يريد حمايتها ومنعها من المسلمين فلما ملك صلاح الدين نسيس وصيدا وبيروت ضعف عزمه عن ذلك ولحق ببلده طرابلس وبقيت صيدا وصور بدون حامية وجاء المركيش من تجار الإفرنج من المغرب في كثرة وقوّة فأرسى بعكا ولم يشعر بفتحها وخرج إليه الرائد فأخبره بمكان الأفضل بن صلاح الدين فيها وأنّ صور وعسقلان باقية لإفرنج فلم يطق الإقلاع إليهما لركود الريح فشغلهم بطلب الأمان ليدخل المرسي ثم طابت ريحه وجرت به إلى صور


[١] وفي الكامل ١١ ص ٥٤٠: في مدة مقام صلاح الدين بعكا تفرق عسكره إلى الناصرة وقيسارية وحيفا وصفورية ومعليا والشقيف والفولة وغيرها من البلاد المجاورة لعكا.
[٢] كذا بياض بالأصل. وفي الكامل ج ١١ ص ٥٤٣ ولما انهزم القمص صاحب طرابلس من حطين إلى مدينة صور فأقام بها، وهي أعظم بلاد الشام حصانة، وأشد امتناعا على من رامها.

<<  <  ج: ص:  >  >>