للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعسكر إلى بلاد السوس لغزو العرب، وكفّ عاديتهم، ومحو آثار الخوارج المنتزين على الدولة، فأجفلوا أمامه، واتبع آثارهم إلى الساقية الحمراء آخر العمران من بلاد السوس، فهلك أكثر العرب في تلك القفار مسغبة وعطشا، وقفل لما بلغه من اعتلال أمير المؤمنين، ووصل إلى مراكش وقد أبلّ، وقد اعتزم على الجهاد والغزو وشكر الله، كما نذكره إن شاء الله تعالى.

[الخبر عن إجازة السلطان أبي يوسف الرابعة ومحاصرة شريش وما تخلل ذلك من الغزوات]

لما اعتزم أمير المسلمين على الإجازة واعترض جنوده وحاشيته، وأزاح عللهم، وبعث في قبائل المغرب بالنفير، ونهض من مراكش في جمادى الآخرة لثلاث وثمانين وستمائة واحتل رباط الفتح منتصف شعبان فقضى به صومه ونسكه، ثم ارتحل إلى قصر مصمودة وشرع في إجازة العساكر والحشود من المرتزقة والمطوّعة خاتم سنته. ثم أجاز البحر بنفسه غرّة صفر من سنة أربع وثمانين وستمائة بعدها واحتلّ بظاهرها [١] . ثم سار منها إلى الخضراء وأراح أياما. ثم خرج غازيا حتى انتهى إلى وادلك [٢] ، وسرّح الخيول في بلاد العدوّ وبسائطها يحرق وينسف. فلمّا خرّب بلاد النصرانية ودمّر أرضهم قصد مدينة شريش [٣] ، فنزل بساحتها وأناخ عليها، وبثّ السرايا والغارات في جميع نواحيها، وبعث المسالح التي كانت بالثغور، فتوافت لديه. ولحقه حافده عمر بن أبي مالك بجمع وافر من المجاهدين من أهل المغرب فرسانا ورجالا، ووافته حصة العزفي من سبتة غزاة ناشبة تناهز خمسمائة من الرجل. وأوعز إلى وليّ عهده الأمير أبي يعقوب باستنفار من بقي بالعدوة من المسلمين الى الجهاد، وعقد لحافده الآخر منصور بن عبد الواحد على ألف فارس من الغزاة. وأعطاه الراية


[١] وفي نسخة ثانية: واحتل بطريق.
[٢] وفي نسخة ثانية: وادي لك وفي نفح الطيب ج ١ ص ٢٤٩ وادي لكة.
[٣] شريش: قال الحجاري: ان مدينة شريش بنت إشبيليّة- تقع الى الجنوب الشرقي من بطليوس وتشتهر اليوم بالنبيذ الجيّد- وواديها ابن واديها. وهي مدينة جليلة ضخمة الأسواق، لأهلها همم، وظرف في اللباس وإظهار الرفاهيّة وتخلّق بالآداب. ولا تكاد ترى فيها إلّا عاشقا ومعشوقا. تشتهر بالمجنبات وهي نوع من القطائف يضاف إليها الجبن في عجينها (نفح الطيب ج ١ ص ١٨٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>