للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بفضل حيلته وحسن تدبيره فقد تعرّض بظنّه أو مقالته إلى أن يكله الله عزّ وجلّ إلى نفسه فيصير منها إلى غير كاف وذلك على من تأمّله غير خاف ولا يقل أحد منكم إنّه أبصر بالأمور وأحمل لعبء التّدبير من مرافقه في صناعته ومصاحبه في خدمته فإنّ أعقل الرّجلين عند ذوي الألباب من رمى بالعجب وراء ظهره ورأى أنّ أصحابه أعقل منه وأحمد في طريقته وعلى كلّ واحد من الفريقين أن يعرف فضل نعم الله جلّ ثناؤه من غير اغترار برأيه ولا تزكية لنفسه ولا يكاثر [١] على أخيه أو نظيره وصاحبه وعشيرة وحمد الله واجب على الجميع وذلك بالتّواضع لعظمته والتّذلّل لعزّته والتّحدّث بنعمته وأنا أقول في كتابي هذا ما سبق به المثل من تلزمه النّصيحة يلزمه العمل وهو جوهر هذا الكتاب وغرّة كلامه بعد الّذي فيه من ذكر الله عزّ وجلّ فلذلك جعلته آخره وتمّمته به تولّانا الله وإيّاكم يا معشر الطّلبة والكتبة بما يتولّى به من سبق علمه بإسعاده وإرشاده فإنّ ذلك إليه وبيده والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته» .

[الشرطة:]

ويسمّى صاحبها لهذا العهد بإفريقيّة الحاكم وفي دولة أهل الأندلس صاحب المدينة وفي دولة التّرك الوالي. وهي وظيفة مرءوسة لصاحب السّيف في الدّولة وحكمه نافذ في صاحبها في بعض الأحيان وكان أصل وضعها في الدّولة العبّاسيّة لمن يقيم أحكام الجرائم في حال استبدادها أوّلا ثمّ الحدود بعد استيفائها فإنّ التّهم الّتي تعرض في الجرائم لا نظر للشّرع إلّا في استيفاء حدودها وللسّياسة النّظر في استيفاء موجباتها بإقرار يكرهه عليه الحاكم إذا احتفّت به القرائن لما توجبه المصلحة العامّة في ذلك فكان الّذي يقوم بهذا الاستبداد وباستيفاء الحدود بعده إذا تنزّه عنه القاضي يسمّى صاحب الشّرطة وربّما جعلوا إليه النّظر في الحدود والدّماء بإطلاق، وأفردوها من نظر القاضي ونزّهوا هذه المرتبة وقلّدوها كبار القوّاد وعظماء الخاصّة من مواليهم ولم تكن عامّة التّنفيذ في


[١] يتعاظم أو يفاخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>