للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأزمن به. ثم مات على فراشه في ربيع الآخر سنة تسع وسبعمائة، ولم يخلف ابنا، وكان بقصرهم سبط من أعقاب الأمير أبي زكريا جدّهم من ولد أبي بكر ابنه الّذي ذكرنا وفاته في خبر شقيقه أبي حفص في فتح مليانة أيام السلطان المستنصر، فلم يزل بنوه في قصورهم وفي ظل ملكهم. ونشأ منهم أبو بكر بن عبد الرحمن بن أبي بكر في إيالة السلطان أبي عصيدة، وربي في جميم نعمته. فلما هلك السلطان أبو عصيدة ولم يعقب، وكان السلطان أبو البقاء خالد قد نزع إليه حمزة بن عمر عند إياسه من خروج أخيه من محبسه فرغّبه في ملك الحضرة واستحثه عليها. ثم وصل أبو عبد الله بن يرزيكن السلطان أبا عصيدة واستنهض السلطان أبا البقاء لملك تونس، فنهض كما نذكر. واستراب الموحدون بتونس في شأن حركته فخافوه على أنفسهم، فبايعوا لهذا الأمير أبي بكر الّذي عرف بالشهيد بما كان من قبله لسبع عشرة ليلة من بيعته، وأبقى أبا عبد الله بن يرزيكن على وزارته وزحزح محمد بن الدباغ عن رتبة الحجابة. فتوعّده لما كان يحقد عليه من التقصير به أيام سلطانه، فكان عونا عليه إلى أن هلك عند استيلاء السلطان أبي البقاء كما نذكره إن شاء الله تعالى.

[(الخبر عن استيلاء السلطان أبي البقاء على الحضرة وانفراده بالدعوة الحفصية)]

لما بلغ السلطان أبا البقاء بمكانه من بجاية وأعمالها الخبر بمرض السلطان أبي عصيدة مع ما كان من العقد بينهما بأنّ من مات قبل صاحبه جمع الأمر بعده للآخر، داخلته الظنّة أن ينتقض أهل الحضرة في هذا الشرط واعتزم على النهوض لمشارفة الحضرة، ووصل إليه حمزة بن عمر نازعا عنهم، فرغّبه واستحثّه، وخرج من بجاية في عساكره، وورى بالحركة إلى الجزائر لما كان من انتقاضهم على أبيه، واستبداد ابن علّان بها. ثم ارتحل إلى قصر جابر وعند بلوغه إليه ورد الخبر بمهلك السلطان أبي عصيدة وبيعة الموحدين بعده لأبي بكر بن عبد الرحمن بن أبي بكر ابن الأمير أبي زكريا، فاضطغنها على الموحدين.

وأغذّ السير وانحاش إليه كافة أولاد أبي الليل واجتمع أمثالهم أولاد مهلهل إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>