بالبطيحة، واعتصم بالمغايض والآجام ليقطع الميرة عن أصحاب الموفّق، فلما علم بقتل صاحبه استأمن إلى الموفّق فأمّنه، ثم أقام الموفّق بمدينته قليلا وولّى على البصرة والأبلّة وكور دجلة، ورجع إلى بغداد فدخلها في جمادى سنة سبعين، وكان لصاحب الزنج من الولد محمد ولقبه انكلاي ومعناه بالزنجية ابن الملك، ثم يحيى وسليمان والفضل حبسوا في المطبق إلى أن هلكوا. والله وارث الأرض ومن عليها.
(الخبر عن دعاة الديلم والجيل من العلويّة وما كان لهم من الدولة بطبرستان للدّاعي وأخيه أولا ثم الأطروش وبنيه وتصاريف ذلك إلى انقضائه)
(كان) أبو جعفر المنصور قد اختص من العلوية من بني الحسن السبط حافده الحسن ابن زيد بن الحسن وولّاه المدينة، وهو الّذي امتحن الإمام مالكا رحمه الله كما هو معروف. وهو الّذي أغرى المنصور من قبل ببني حسن وأخبره بدسيسة محمد المهديّ وابنه عبد الله في شأن الدعاء لهم حتى قبض عليهم وحملهم إلى العراق كما قدّمناه.
وكان له عقب بالريّ منهم: الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن والي المدينة، ولما حدث بين عامل طبرستان محمد بن أوس الكافل بها لسليمان بن عبد الله ابن طاهر نائبا عن محمد بن طاهر صاحب خراسان، وبين محمد وجعفر من بني رستم من أهل نواحي طبرستان حادث فتنة، وقد تقدّم ذكرها، أغروا به أهل تلك النواحي وبعثوا إلى الديلم ليستنجدوا بهم عليه، وكانوا على المجوسيّة يومئذ، وهم حرب لمحمد بن أوس لدخوله بلادهم، وقتله وسبيه منهم أيام المسالمة، وملكهم يومئذ وهشوذان بن حسّان فأجابوا ابني رستم إلى حربه. وبعث ابنا رستم إلى محمد بن إبراهيم بطبرستان لكون الدعوة له فامتنع، ودلّهم على الحسن بن زيد بالري فاستدعوه بكتاب محمد بن إبراهيم فشخص إليهم، وقد اتفق الديلم وابنا رستم وأهل ناحيتهم على بيعته فبايعوه، وانضم إليهم أهل جبال طبرستان. وزحف إلى آمد فقاتله ابن أوس دونه، وخالفه الحسن بن زيد في جماعة إلى آمد فملكها، ونجا ابن أوس إلى سليمان بن عبد الله بن طاهر بسارية وزحف إليهم الحسن فخرجوا للقائه فناشبهم