إلى تعز فاستأمن إليه أهلها فأمنهم وراسلوا الظاهر في الصلح فأجاب على أن تكون له الدملوة، وتحالفوا على ذلك. وطلب أمراء الترك الشهاب الصفوي الّذي أنشأ الفتنة بين المجاهد والظاهر فامتنع عن إجابتهم فركب بيبرس وهجم عليه في خيمته وقتله بسوق الخيل بتعز، واثخنوا في العصاة على المجاهد في كل ناحية حتى أطاعوا، وتمهد له الملك ورجعت العساكر إلى مصر سنة ست وعشرين والله سبحانه وتعالى أعلم.
[نزول الظاهر للمجاهد عن الدملوة ومقتله]
ولما استقام الأمر للمجاهد باليمن واستخلفه الظاهر على الدملوة أخذ المجاهد في تأنيسه واحكام الوصلة به حتى اطمأن، وهو يفتل له في الذروة والغارب حتى نزل له عن الدملوة وولى عليها من قبله وصار الظاهر في جملته. ثم قبض عليه وحبسه بقلعة تعز. ثم قتله في محبسه سنة أربع وثلاثين والله تعالى أعلم.
[حج المجاهد علي بن المؤيد داود وواقعته مع أمراء مصر واعتقاله بالكرك تم إطلاقه ورجوعه إلى ملكه]
ثم حج المجاهد سنة إحدى وخمسين أيام حسن الناصري الأولى وهي السنة التي حج فيها طاز كافل المملكة أميرا وحج بيبقاروس الكافل الآخر مقيدا لأن السلطان أمر طاز بالقبض عليه في طريقه. فلما قبض عليه رغب منه أن يخلي سبيله لأداء فرضه فأجابه وحج مقيدا. وجاء المجاهد ملك اليمن للحج وشاع عنه أنه يروم كسوة الكعبة فتنكر أمراء مصر وعساكرها لأهل اليمن ووقعت في بعض الأيام هيعة في ركب اليمن فتحاربوا وانهزم وذهب سواده وركب أهل اليمن كافة وأطلق بيبقاروس للقتال فجلا في تلك الوقعة وأعيد إلى اعتقاله. وحمل المجاهد إلى مصر معتقلا فحبس ثم أطلق سنة اثنتين وخمسين في دولة الصالح. وبعثوا معه قشتمر المنصوري إلى بلاده. فلما انتهى إلى الينبع ظهر عليه قشتمر بأنه يروم الهرب فرده وحبسه بالكرك. ثم أطلق بعد ذلك وأعيد إلى ملكه، وأقام على مهاداة صاحب مصر وصانعته إلى أن توفي سنة ست وستين لاثنتين وأربعين سنة من ملكه.