فبايعه في شوال سنة ثمان وثمانين وسبعمائة بعد أن اشترط عليه لنفسه وأصحابه ما شاء. وأجاز سلطانه المنتصر إلى أبيه السلطان أبي العباس بالأندلس وقبض على جماعة ممن كان مع الواثق مثل المزوار عبد الواحد، وقتله، وعلى فارح بن مهدي وحبسه، وعلى الخيّر مولى الأمير عبد الرحمن وامتحنه، وعلى آخرين سواهم. ثم قبض على جماعة من بطانة السلطان موسى كانوا يداخلونه في القبض والفتك به، فحبسهم وقتل بعضهم. وعلى جند الأندلس الذين جاءوا مددا للواثق، وعلى قوّادهم من معلوجي ابن الأحمر فأودعهم السجن. ثم تقبّض على كاتب السلطان موسى بن أبي الفضل بن أبي عمر مرجعه من السفارة عن سلطانه إلى الأندلس، فاعتقله وصادره. ثم خلّى سبيله. ثم بعث إلى الحسن بن الناصر الثائر بجبل الصفيحة من غمارة مع إدريس بن موسى بن يوسف الياباني، فخادعه باستدعائه للملك والبيعة له، فخدعه واستنزله وجاء به فاعتقله أياما. ثم أجازه للأندلس، واستقرّ الأمر على ذلك، والله أعلم.
الفتنة بين الوزير ابن ماسي وبين السلطان ابن الأحمر واجازة السلطان أبي العباس الى سبتة لطلب ملكه واستيلاؤه عليها
لما بلغ الوزير ابن ماسي للواثق ورأى أنه قد استقلّ بالدولة ودفع عنها الشواغب، وصرف نظره إلى ما فرّط من أعمال الدولة، وافتتح أمره بسبتة. وقد كان السلطان موسى لأول إجازته أعطاها لابن الأحمر كما مرّ. فبعث إليه الآن الوزير ابن ماسي في ارتجاعها منه على سبيل الملاطفة، فاستشاط لها ابن الأحمر ولجّ في الردّ، فنشأت الفتنة لذلك، وجهّز ابن ماسي العساكر لحصار سبتة مع العبّاس بن عمر بن عثمان الوسنافي ويحيى بن علّال بن أمصمود، والرئيس محمد بن أحمد الأبكم من بني الأحمر. ثم من بيت السلطان الشيخ فاتح أمرهم وممهّد دولتهم، وراسل السلطان إشبيلية والجلالقة من بني أدفونش وراء البحر، بأن يبعث إليهم ابن عمّ السلطان ابن الأحمر محمد بن إسماعيل مع الرئيس الأبكم ليجلبا من ناحيته على الأندلس.
وجاءت عساكر الوزير إلى سبتة فحاصروها ودخلوها عنوة. واعتصم حامية الأندلس الذين كانوا بها بالقصبة، واتصلت الجولة بين الفريقين وسط البلد، وأوفد