للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شحنة بغداد]

قد ذكرنا أنّ السلطان ألب أرسلان ولّى لأوّل ملكه أيتكين السليماني شحنة ببغداد سنة ست وخمسين فأقام فيها مدّة، ثم سار إلى السلطان في بعض مهمّاته، واستخلف ابنه مكانه فأساء السيرة، وقتل بعض المماليك الداريّة فأنفذ قميصه من الديوان إلى السلطان، وخوطب بعزله. وكان نظام الملك يعنى به فكتب فيه بالشفاعة، وورد سنة أربع وستين فقصد دار الخلافة وسأل العفو فلم يجب، وبعث إلى تكريت ليسوغها [١] بإقطاع السلطان فبرز المرسوم من ديوان الخلافة بمنع ذلك. ولما رأى السلطان ونظام الملك إصرار القائم على عزله، بعث السلطان مكانه سعد الدولة كوهرابين [٢] أتباعا لمرضاة الخليفة. ولما ورد بغداد خرج الناس للقائه وجلس له القائم واستقرّ شحنة.

[مقتل السلطان ألب أرسلان وملك ابنه ملك شاه]

سار السلطان ألب أرسلان محمد إلى ما وراء النهر، وصاحبه شمس الملك تكين، وذلك سنة خمس وستين، وعبر على جسر عقده على جيحون في نيّف وعشرين يوما، وعسكره تزيد على مائتي ألف. وجيء له بمستحفظ القلاع، ويعرف بيوسف الخوارزمي فأمر بعقابه على ارتكابه فأفحش في سبّ السلطان فغضب وأمر بإطلاقه، ورماه بسهم فأخطأه، فسيّر إليه يوسف، وقام السلطان عن سريره فعثر ووقع فضربه بسكينة، وضرب سعد الدولة، ودخل السلطان خيمته جريحا. وقتل الأتراك يوسف هذا، ومات السلطان من جراحته عاشر ربيع سنة خمس وستين لتسع سنين ونصف من ملكه، ودفن بمرو عند أبيه، وكان كريما عادلا كثير الشكر لنعمة الله والصدقة، واتّسع ملكه حتى قيل فيه سلطان العالم. ولما مات وقد أوصى بالملك لابنه ملك شاه فجلس للملك، وأخذ له البيعة وزيره نظام الملك، وأرسل إلى بغداد فخطب له على منابرها، وكان ألب أرسلان اوصى أن يعطي أخوه قاروت بك أعمال فارس وكرمان وشيئا عيّنه من المال، وكان بكرمان. وأن يعطي ابنه إياس بن ألب أرسلان


[١] هكذا بالأصل ويسوغ بمعنى يسهل ولا يلتئم. وفي الكامل ج ١٠ ص ٧٠: «وكان نظام الملك يعنى بالسليماني فأضاف إلى إقطاعه تكريت، فكوتب واليها من ديوان الخلافة بالتوقف عن تسليمها.»
[٢] كوهرائين: المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>