[وفاة السلطان محمود وملك ابنه داود ثم منازعته عمومه واستقلال مسعود]
ثم توفي السلطان محمود في شوّال من سنة خمس وعشرين لثلاث عشرة سنة من ملكه، واتفق وزيره أبو القاسم النشاباذي وأتابكه آق سنقر الأحمديلي على ولاية ابنه داود مكانه وخطب له في جميع بلاد الجبل وأذربيجان، ووقعت الفتنة بهمذان ونواحيها ثم سكنت، فسار الوزير بأمواله إلى الريّ ليأمن في إيالة السلطان سنجر. ثم إنّ الملك داود سار في ذي القعدة من سنة خمس وعشرين من همذان إلى ربكان، وبعث إلى المسترشد ببغداد في الخطبة، وأتاه الخبر بأنّ عمه مسعودا سار من جرجان إلى تبريز، وملكها فسار إليه وحصره في تبريز إلى سلخ المحرّم من سنة ست وعشرين، ثم اصطلحا وأفرج داود عن تبريز، وخرج السلطان مسعود منها، واجتمعت عليه العساكر فانتقض وسار إلى همذان. وأرسل الى المسترشد في الخطبة فأجابهم جميعا بأنّ الخطبة للسلطان سنجر صاحب خراسان، ويعين بعده من يراه. وبعث إلى سنجر بأنّ الخطبة للسلطان سنجر صاحب خراسان، ويعين بعده من يراه. وبعث إلى سنجر بأنّ الخطبة إنما ينبغي أن تكون لك وحدك فوقع ذلك منه أحسن موقع، وكاتب السلطان مسعود عماد الدين زنكي صاحب الموصل فأجابه وسار إليه وانتهى إلى المعشوق. وبينما هم في ذلك إذ سار قراجا الساقي صاحب فارس وخوزستان بالملك سلجوق شاه ابن السلطان محمد، وكان أتابكه فدخل بغداد في عسكر كبير، ونزل دار السلطان واستخلفه المسترشد لنفسه، ووصل مسعود إلى عباسة فبرزوا للقائه، وجاءهم خبر عماد الدين زنكي فعبر قراجا إلى الجانب الغربي للقائه، وواقعه فهزمه، وسار منهزما إلى تكريت وبها يومئذ نجم الدين أيوب أبو السلطان صلاح الدين، فهيّأ له الجسر للعبور، وعبر فأمن وسار لوجهه. وجاء السلطان مسعود من العبّاسة للقاء أخيه سلجوق ومن معه مدلا بمكان زنكي وعسكره من ورائهم، وبلغه خبر انهزامهم فنكص على عقبه، وراسل المسترشد بأنّ السلطان سنجر وصل إليّ وطلب الاتفاق من المسترشد وأخيه سلجوق شاه وقراجا على قتال سنجر، على أن يكون العراق للمسترشد يتصرّف فيه نوابه، والسلطنة لمسعود وسلجوق شاه ولي عهده فأجابوه إلى ذلك وجاء بغداد في جمادى الأولى سنة ست وعشرين، وتعاهدوا على ذلك.