للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتازى واجتمع إليه كافة بني مرين، عذلوه فيما كان منه فاستلأم، وحملوه على العودة في الأمر، ووعدوه من أنفسهم المظاهرة والمؤازرة فأجاب، وبايعوه وصمد إلى فاس، وبرز عمر للقائه فانتهى إلى المسجدين، ولما تراءى الجمعان خذ له جنوده وأسلموه، فرجع إلى فاس مغلولا، ووجّه الرغبة إلى عمه أن يقطعه مكناسة وينزل له عن الأمر، فأجابه إلى ذلك، ودخل السلطان أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق مدينة فاس فملكها سنة سبع وخمسين وستمائة وتمشت طاعته في بلاد المغرب ما بين ملوية وأم الربيع وسجلماسة وقصر كتامة. واقتصر عمر على إمارة مكناسة فتولاها أياما، ثم اغتاله من عشيرة عمر وإبراهيم ابنا عمّه عثمان بن عبد الحق والعباس ابن عمه محمد بن عبد الحق فقتلوه وثأروا منه بدم كانوا يعتدّونه عليه. وهلك لعام أو بعد عام من إمارته، فكفى يعقوب شأنه واستقام سلطانه، وذهب التنازع والمشاق عن أمره. وكان يغمراسن بعد مهلك قرنه الأمير أبي يحيى سما له أمل في الاجلاب على المغرب، فجمع لذلك قومه واستجاش بني توجين ومغراوة وأظمعهم في غيل الأسود ونهضوا إلى المغرب حتى انتهوا إلى كلدامان وصمد السلطان يعقوب بن عبد الحق إلى لقائهم فغلبهم ورجعوا الى تفيئته [١] ، ومرّ يغمراسن ببلاد بطوية فأحرق وانتسف واستباح وأعظم فيها النكاية. ورجع السلطان إلى فاس وتقبّل مذاهب أخيه الأمير أبي يحيى في فتح أمصار المغرب وتدويخ أقطاره. وكان مما أكرمه الله به أن فتح أمره باستنقاذ مدينة سلا من أيدي النصارى، فكان له بها أثر جميل وذكر خالد، على ما نذكره إن شاء الله تعالى.

[(الخبر عن فجأة العدو مدينة سلا واستنقاذها من أيديهم)]

كان يعقوب بن عبد الله [٢] قد استعمله عمّه الأمير أبو يحيى على مدينة سلا لما ملكها كما ذكرناه. ولما استرجعها الموحّدون من يده أقام يتغلب في جهاتها مراصدا لأهلها وحاميتها. ولما بويع عمّه يعقوب بن عبد الحق اسقته بعض الأحوال، فذهب


[١] وفي نسخة ثانية: ورجعوا على تعبية.
[٢] وفي نسخة ثانية: بن عبد الحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>