فأثبتهم في ديوانه واستخدمهم ثم هلك سنة أربع وثلاثين وولى ابنه غياث الدين كنخسرو فارتاب بهم وقبض على كبيرهم وفر الباقون واكتسحوا ما مروا به وأقاموا مستبدين بأطراف البلاد ثم استمالهم الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل وكان نائبا لأبيه بالبلاد الشرقية حران وكيفا وآمد واستأذن أباه في استخدامهم فأذن له كما يأتي في أخباره والله سبحانه وتعالى وليّ التوفيق بمنه وفضله.
الخبر عن دولة بني تتش بن البارسلان ببلاد الشام دمشق وحلب وأعمالهما وكيف تناوبوا فيها القيام بالدعوة العباسية والدعوة العلوية الى حين انقراض أمرهم
قد تقدّم لنا استيلاء السلجوقية على الشام لأوّل دولتهم وكيف سار أتسز بن ارتق الخوارزمي من أمراء السلطان ملك شاه الى فلسطين ففتح الرملة وبيت المقدس وأقام فيهما الدعوة العباسية ومحا الدعوة العلوية ثم حاصر دمشق وذلك سنة ثلاث وستين وأربعمائة ثم أقام يردّد الحصار على دمشق حتى ملكها سنة ثمان وستين وسار الى مصر سنة تسع وستين وحاصرها وعاد منها وولى السلطان ملك شاه بعد أبيه البارسلان سنة خمس وستين فأقطع أخاه تتش بلاد الشام وما يفتحه من تلك النواحي سنة سبعين وأربعمائة فسار الى حلب وحاصرها وكان أمير الجيوش بدر الجمالي قد بعث العساكر لحصار دمشق وبها أتسز فبعث بالصريخ الى تاج الدولة تتش فسار لنصرته وأجفلت عساكر مصر وخرج أتسز لتلقيه فتعلل عليه ببطئه عن تلقيه وقتله واستولى على دمشق وقد تقدّم ذلك كله ثم استولى سليمان بن قطلمش على انطاكية وقتل مسلم بن قريش وسار الى حلب فملكها وسمع بذلك تتش فسار اليها واقتتلا سنة تسع وسبعين وقتل سليمان بن قطلمش في الحرب وسار السلطان ملك شاه الى حلب فملكها وولى عليها قسيم الدولة آقسنقر جدّ نور الدين العادل ثم جاء السلطان الى بغداد سنة أربع وثمانين وسار اليه أخوه تاج الدين تتش من دمشق وقسيم الدولة آقسنقر صاحب حلب وبوزان صاحب الرها وحضروا معه صنيع المولد النبوي ببغداد فلما وعدوه العود الى بلادهم أمر قسيم الدولة وبوزان بأن يسيرا بعسكرهما مع تاج الدولة تتش لفتح البلاد بساحل الشام وفتح مصر من يد المستنصر العلويّ ومحو الدولة العلوية منها فساروا لذلك وملك تتش حمص من يد ابن ملاعب وغزة عنوة وأماسية من يد خادم العلويّ بالأمان وحاصر طرابلس وبها جلال الدين بن عمار فداخل قسيم الدولة آقسنقر وصانعه بالمال في أن يشفع له عند تتش فلم