تتش عدل عنه طفتكين بالملك إلى ابن أخيه دقاق بن تتش، فلحق بالإفرنج مغاضبا.
[(استيلاء الفرنج على طرابلس وبيروت)]
كانت طرابلس رجعت إلى صاحب مصر وكان يحاصرها من الفرنج ابن المرداني صاحب صيحيل، والمدد يأتيهم من مصر. فلما كانت سنة ثلاث وخمسين وصل أسطول من الفرنج مع ويمتدين إلى صيحيل من قمامصتهم فنزل على طرابلس، وتشاجر مع المرداني فبادر بغذوين صاحب القدس وأصلح بينهم، ونزلوا جميعا على طرابلس وألصقوا أبراجهم بسورها، وتأخّرت الميرة عنهم من مصر في البحر لركود البحر فاقتحمها الفرنج عنوة ثاني الأضحى من سنة ثلاث وخمسين، وقتلوا ونهبوا وأسروا وغنموا. وكان واليها قد استأمن قبل فتحها في جماعة من الجند فلحقوا بدمشق، ووصل الأسطول بالمدد وكفاية سنة من الأقوات بعد فتحها ففرقوه في صور وصيدا وبيروت، واستولى الفرنج على معظم سواحل الشام. وإنما خصّصنا هذه بالذكر في الدولة العلويّة لأنها كانت من أعمالهم. وسنذكر البقية في أخبار الفرنج إن شاء الله تعالى.
[(استرجاع أهل مصر بعسقلان)]
كان الآمر قد استولى على عسقلان من قوّاد شمس الخلافة، فداخل بغدوين صاحب بيت المقدس من الفرنج وهاداه ليمتنع به على أهل مصر، وجهّز أمير الجيوش عسكرا من مصر للقبض عليه إذا حضر وشعر بذلك، وانتقض وأخرج من عنده من أهل مصر، وخاف الأفضل أن يسلّم عسقلان إلى الفرنج فأقرّه على عمله، وارتاب شمس الخلافة بأهل عسقلان واتخذ بطانة من الأرمن فاستوحش أهل البلد فثاروا به وقتلوه، وبعثوا إلى الآمر والأفضل بذلك، فأرسل إليهم الوالي من مصر وأحسن إليهم واستقامت أحوالهم. وحاصر بغدوين بعد ذلك مدينة صور وفيها عساكر الأرمن واشتدّ في حصارها بكل نوع، وكان بها عزّ الملك الأعز من أولياء