للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلطان في قبول طاعته. وكان محمد الدنيدن لما أجفل السلطان عن قفصة تركه بتلك الناحية، فلمّا وصل إلى تونس أرسل أهل قفصة في الرجوع إليهم فأجابه أشياعه، ودخل البلد فبدر به عمر بن العابد وكبسه بمكانه الّذي نزل به وقتله، واستبدّ بمشيخة قفصة وخشي أهل قفصة من غائلة السلطان وسوء مغبّة العصيان فبعثوا إلى السلطان بطاعتهم، وشرط عليهم نزول عامله عندهم، وهذا آخر ما بلغنا عنهم والله مصرف الأمور بحكمته.

[(ولاية ابن السلطان على صفاقس واستيلاؤه منها على قابس وجزيرة جربة)]

هذا الأمير عمر ابن السلطان هو شقيق إبراهيم الّذي كان أميرا بقسنطينة، وكان في كفالة أخيه إبراهيم. فلمّا توفي كما مرّ لحق بالسلطان أبيه وأقام عنده. ولما كان من وفاة أبي بكر بن ثابت شيخ طرابلس ما قدّمناه واضطرب قومه من بعده، ونزع قائدهم ورئيسهم ابن خلف إلى السلطان فبعث معه ابنه عمر هذا سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة لحصار طرابلس، وأقام عليها حولا كريتا يحاصرها ويمنع الأقوات عنها، حتى ضجروا وضجر من طول المقامة فدافعوه بالضريبة وانكفأ راجعا إلى أبيه سنة خمس وتسعين وسبعمائة ووافاه جاثما على قفصة عند ما انتقضوا عليه، وقد مرّ في طريقه على جربة وأراد الدخول إليها فمنعه عامل أبيه بها من الموالي المعلوجين فأنف من ذلك، وشكاه إلى أبيه فولّاه على صفاقس، ووعده بولاية جربة فسار هو إلى صفاقس وأجاز البحر إلى جزيرة جربة، وانضمّ إليه جميع من بها من القبائل. وامتنع العلج منصور العامل بحصنها المسمى بالقشتيل بلسان الفرنج، حتى كاتب السلطان فأمره بتمكين ابنه من الحصن والإفراج له عن الجزيرة أجمع، فأستبدّ بها. ثم إنّ الأمير عمر سما إلى ملك قابس، فداخل أهل الحامة في ذلك فأجابوه وساروا معه بجموعهم سنة ست وتسعين وسبعمائة فبيّتها وملكها، وقبض على رئيسها يحيى بن عبد الملك بن مكي فضرب عنقه، وانقرض أمر بني مكي من قابس واستقلّ بها الأمير عمر مضافة إلى ما كان بيده، والله وارث الأمور

.

<<  <  ج: ص:  >  >>