للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخبر عن حركة السلطان الى تلمسان واستيلائه عليها وإيثار أبي زيان حافد أبي تاشفين بملكها وما كان من ذلك من صرف أمراء الموحدين إلى بلادهم

لما استقلّ السلطان بملك المغرب سنة ستين وسبعمائة كما ذكرناه، وكان العامل على درعة عبد الله بن مسلم الزردالي من أخلاف بني عبد الواد وشيعة أبي زيان [١] ، اصطنعه السلطان أبو الحسن عند تغلّبه على تلمسان. واستعمله أبو عنان بعد ذلك على بلاد درعة كما ذكرناه. وتأتى له [٢] المكر بأبي الفضل ابن السلطان أبي الحسن حين خروجه على أخيه السلطان أبي عنان بجبل ابن حميدي، فارتاب عند استقلال المولى أبي سالم بالأمر. وخشي بادرته لما رآه من حقده عليه بسبب أخيه أبي الفضل، لما كان بينهما من لحمة الاغتراب، فداخل بطانة له من عرب المعقل، واحتمل ذخائره وأمواله وأهله وقطع القفر إلى تلمسان، ولحق بالسلطان أبي حمّو آخر سنة ستين وسبعمائة فنزل منه خير نزل، وعقد له حين وصوله على وزارته، وباهى به وبمكانه، وفوّض إليه في التدبير والحلّ والعقد، فشمر عن ساعده في الخدمة، وجأجأ بعرب المعقل من مواطنهم رغبة في ولايته وإيثارا لمكانته من الدولة، ورهبة من سلطان المغرب لما كانوا ارتكبوه من موافقة بني مرين مرّة بعد أخرى، فاستقرّوا بتلمسان وانحاشوا جميعا إلى بني عبد الواد، وبعث السلطان أبو سالم إلى أبي حمّو في شأن عاملهم عبد الله بن مسلم، فلم يرجع له جوابا عنه، وحضر عليه ولاية المعقل أهل وطنه، فلجّ في شأنهم فأجمع السلطان أمره على النهوض إليهم. واضطرب معسكره بساحة البلد وفتح ديوان العطاء ونادى في الناس بالنفير إلى تلمسان. وأزاح العلل.

وبعث الحاشدين من وزرائه إلى مراكش فتوافت حشود الجهات ببابه، وفصل من.

فاس في جمادى من سنة إحدى وستين وسبعمائة وجمع أبو حمّو من في إيالته وعلى التشييع لدولته من زناتة والعرب من بني عامر والمعقل كافة، ما عدا العمارنة، كان


[١] وفي نسخة ثانية: آل زيّان.
[٢] وفي نسخة ثانية: وتولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>