للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتزود الأول فبلغ المنزل واتبعه الآخر مقتديا به كذلك ثم جاء الثالث بعدهما فإن اقتفى طريقهما وزادهما لحق بهما وإلا لم يبلغهما.

وفتحت في جمادى من هذه السنة تكريت لأن أهل الجزيرة كانوا قد اجتمعوا إلى المرزبان الّذي كان بها وهم من الروم وإياد وتغلب والنمر ومعهم المشهارجة ليحموا أرض الجزيرة من ورائهم، فسرح إليهم سعد بن أبي وقاص بأمر عمر، كاتبه عبد الله بن المعتمر وعلى مقدمته ربعي بن الأفكل وعلى الخيل عرفجة بن هرثمة، فحاصروهم أربعين يوما وداخلوا العرب الذين معهم فكانوا يطلعونهم على أحوال الروم، ثم يئس الروم من أمرهم واعتزموا على ركوب السفن في دجلة للنجاة، فبعث العرب بذلك إلى المسلمين وسألوهم الأمان، فأجابوهم على أن يسلموا فأسلموا وواعدوهم الثبات والتكبير وأن يأخذوا على الروم أبواب البحر مما يلي دجلة ففعلوا. ولما سمع الروم التكبير من جهة البحر ظنوا أن المسلمين استداروا من هناك فخرجوا إلى الناحية التي فيها المسلمون فأخذتهم السيوف من الجهتين، ولم يفلت إلا من أسلم من قبائل ربيعة من تغلب والنمر وإياد. وقسمت الغنائم فكان للفارس ثلاثة آلاف درهم وللراجل ألف. ويقال إن عبد الله بن المعتمر بعث ربعي بن الأفكل بعهد عمر إلى الموصل ونينوى وهما حصنان على دجلة من شرقيها وغربيها، فسار في تغلب وإياد والنمر وسبقوه إلى الحصنين فأجابوا إلى الصلح وصاروا ذمة. وقيل بل الّذي فتح الموصل عتبة بن فرقد سنة عشرين وأنه ملك نينوى وهو الشرقي عنوة. وصالحوا أهل الموصل وهو الغربي على الجزية وفتح معها جبل الأكراد [١] وجميع أعمال الموصل وقيل إنما بعث عتبة بن فرقد عياض بن غنم عند ما فتح الجزيرة على ما نذكره والله أعلم.

[مسير هرقل إلى حمص وفتح الجزيرة وارمينية]

كان أهل الجزيرة قد راسلوا هرقل وأغروه بالشام وأن يبعث الجنود إلى حمص وواعدوه المدد، وبعثوا الجنود إلى أهل هيت مما يلي العراق، فأرسل سعد عمر بن مالك بن جبير بن مطعم في جند وعلى مقدمته الحرث بن يزيد العامري فسار إلى هيت وحاصرهم، فلما رأى اعتصامهم بخندقهم حجر عليهم الحرث بن يزيد وخرج


[١] وفي النسخة الباريسية: معاقيل الأكراد.

<<  <  ج: ص:  >  >>