أبو منصور ابن الوزير أبي شجاع محمد بن الحسين وزير أبيه، وبعث إلى المستظهر في الخطبة فخطب له على منابر بغداد منتصف المحرّم سنة اثنتي عشرة، وكان آق سنقر البرسقي مقيما بالرحبة استخلف بها ابنه مسعودا، وسار إلى السلطان محمد يطلب الزيادة في الأقطاع والولاية ولقيه خبر وفاته قريبا من بغداد فمنعه بهروز الشحنة من دخولها، وسار إلى أصبهان فلقيه بحلوان توقيع السلطان محمود بأن يكون شحنة بغداد لسعي الأمراء له في ذلك تعصبا على مجاهد الدين بهروز وغيره منه لمكانه عند السلطان محمد. ولما رجع آق سنقر إلى بغداد هرب مجاهد الدين بهروز إلى تكريت وكانت من أعماله. ثم عزل السلطان محمود آق سنقر وولّى شحنة بغداد الأمير منكبرس حاكما في دولته بأصبهان، فبعث نائبا عنه ببغداد والعراق الأمير حسين بن أروبك أحد أمراء الأتراك. ورغب البرسقي من المستظهر بالعدة فلم يتوقّف فسار آق سنقر إليه وقاتله، وانهزم الأمير حسين وقتل أخوه وعاد إلى عسكر السلطان وذلك في ربيع الأوّل من سنة اثنتي عشرة.
[وفاة المستظهر وخلافة المسترشد]
ثم توفي المستظهر باللَّه أبو العبّاس أحمد بن المقتدي باللَّه أبو القاسم عبد الله بن القائم باللَّه في منتصف ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وخمسمائة لأربع وعشرين سنة وثلاثة أشهر من خلافته، وبويع بعده ابنه المسترشد باللَّه الفضل، وكان ولي عهده منذ ثلاث وعشرين سنة وبايعه أخوه عبد الله محمد وهو المقتدي، وأبو طالب العبّاس وعمومته بنو المقتدي وغيرهم من الأمراء والقضاة والأئمة والأعيان. وتولى أخذ البيعة القاضي أبو الحسن الدامغانيّ، وكان نائبا عن الوزارة فأقرّه المسترشد عليها، ولم يأخذ البيعة قاض غير هذا للمسترشد، وأحمد بن أبي داود [١] للواثق والقاضي أبو علي إسماعيل بن إسحاق للمعتضد. ثم عزل المسترشد قاضي القضاة عن نيابة الوزارة واستوزر أبا شجاع محمد بن الرسب أبي منصور، خاطبه أبوه وزير السلطان محمود وابنه محمد في شأنه فاستوزره، ثم عزله سنة عشر واستوزر مكانه جلال الدين عميد الدولة أبا علي بن صدقة، وهو عمّ جلال الدين أبي الرضى بن صدقة وزير الراشد.
[١] احمد بن أبي دؤاد: وهو اياد، وكان ذو نفوذ وجاه في دولتي المعتصم والواثق (البيان والتبيين للجاحظ ج ٢ ص ١٩٠) .