مكانه خزيمة بن أعين، وبعث إلى ابن الجارود يحيى بن موسى لمحلّه عند أهل خراسان. ويقال يقطين يرغبه في الطاعة، فأجابه بشرط الفراغ من العلاء بن سعيد. وعلم يقطين أنه يغالطه فداخل صاحبه محمد بن الفارسيّ، واستماله فنزع عن ابن الجارود. وخرج ابن الجارود من القيروان فرارا من العلاء في محرّم سنة تسع وسبعين لسبعة أشهر من ولايته، وسار للقاء ابن الفارسيّ من القيروان، وتزاحفا للقتال فدعا ابن الجارود ابن الفارسيّ إلى خلوة، وقد دسّ رجلا من أصحابه يغتاله في خلوتهما فقتله، وانهزم أصحابه وسابق العلاء بن سعيد ويقطين إلى القيروان فسبق إليها العلاء وملكها وفتك في أصحابه ابن الجارود ولحق ابن الجارود بهرثمة فبعث به إلى الرشيد، وكتب إليه أن العلاء بن سعيد هو الّذي أخرجه من القيروان فأمره بأن يبعث بالعلاء فبعث به مع يقطين، فاعتقل ابن الجارود وأحسن إلى العلاء إلى أن توفي بمصر. وسار هرثمة إلى القيروان فقدمها سنة سبع وسبعين فأمّن الناس وسكّنهم، وبني القصر الكبير بالمنستير لسنة من قدومه، وبنى السور على طرابلس مما يلي البحر. وكان إبراهيم بن الأغلب عاملا على الزاب وطبنة فهاداه، ولاطفه فعقد له على عمله فقام بأمره وحسن أثره. ثم خرج عليه عياض بن وهب الهوّاري وكليب ابن جميع الكلبيّ، وجمعا الجموع فسرّح هرثمة إليهما يحيى بن موسى من قوّاد الخراسانيّة ففرّق جموعهما، وقتل كثيرا من أصحابهما، ورجع إلى القيروان. ولما رأى هرثمة كثرة الثّوار والخلاف بإفريقية استعفى الرشيد من ولايتها فأعفاه، ورجع إلى العراق لسنتين ونصف من ولايته.
[(محمد بن مقاتل الكعبي)]
ثم بعث الرشيد على إفريقية محمد بن مقاتل الكعبيّ، وكان صنيعه، فقدم القيروان في رمضان سنة إحدى وثمانين، فكان مسيء السيرة، فاختلف عليه الجند وقدّموا مخلّد بن مرّة الأزديّ، فبعث إليه العساكر فهزم وقتل. ثم خرج عليه بتونس تمام ابن تميم التميميّ سنة ثلاث وثمانين، واجتمع إليه الناس، وسار إلى القيروان فخرج إليه محمد بن مقاتل ولقيه فانهزم أمامه ورجع إلى القيروان، وتمام في اتباعه إلى أن