واسط وأمدّه بالقوّاد والسلاح، وأطلق يده في الإنفاق. فزحف إلى البطيحة وضيّق على عمران فانتهى إلى مضايق خفيّة، وأشار عليه روزبهان بمعاجلة القوم، وكتب إلى معزّ الدولة يشكو المطاولة من المهلّبيّ، فكتب إليه معزّ الدولة بالاستبطاء فبادر إلى المناجزة وتوغّل في تلك المضايق، فانهزم وقتل من أصحابه وأسر ونجا هو سباحة في الماء، وأسر عمران أكابر القوّاد حتى صالحه معزّ الدولة وقلّده البطائح وأطلق له أهله على أن يطلق القوّاد الذين في أسره فأطلقهم.
[موت الصهيري ووزارة المهلبي]
كان أبو جعفر محمد بن أحمد الصهيري وزيرا لمعزّ الدولة، وكان قد سار لقتال عمران واستخلف مكانه أبا محمد الحسن بن محمد المهلّبيّ، فعرفت كفايته وإصلاحه وأمانته، وتوفي أبو جعفر الصهيري محاصرا لعمران، فولّى معزّ الدولة مكانه أبا محمد المهلبيّ، فأحسن السيرة وأزال المظالم وخصوصا عن البصرة فكان فيها شعب كثيرة من المظالم من أيام أبي البريدي، وتنقّل في البلاد لكشف المظالم وتخليص الحقوق، فحسن أثره ونقم عليه معزّ الدولة بعض الأمور فنكبه سنة إحدى وأربعين وحبسه في داره ولم يعزله.
[حصار البصرة]
قد تقدّم لنا أنّ القرامطة أنكروا على معز الدولة مسيره إلى البصرة على بلادهم.
وذكرنا ما دار بينهم في ذلك. ولمّا علم يوسف بن وجيه استيحاشهم بعث إليهم يطمعهم في النصرة، واستمدّهم فأمدّوه. وسار في البحر سنة إحدى وأربعين، وبلغ الخبر إلى الوزير المهلبيّ، وقد قدم من شأن الأهواز. فسار إلى البصرة وسبق إليها ابن وجيه وقاتله فهزمه وظفر بمراكبه.
[استيلاء معز الدولة على الموصل وعوده]
قد تقدّم لنا صلح معزّ الدولة مع ناصر الدولة على ألفي ألف درهم كل سنة. فلما كانت سنة سبع وأربعين أخرج حمل المال، فسار معزّ الدولة إلى الموصل في جمادى ومعه وزيره المهلبي، فاستولى على الموصل ولحق ناصر الدولة بنصيبين ومعه كتابه وجميع أصحابه، وحاشيته، ومن يعرف وجوه المنافع، وأنزلهم في قلعة كواشي وغيرها.